بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي أوجب الحمد على عباده بنعمه عندهم آنفا واستوجب منهم ـ بما وفقهم لذلك الحمد على تلك النعم ـ شكرا مستأنفا.
وسبحان من ليس معه لأحد في الآنف من النعمة ، والمستأنف من الشكر صنع في إحداث موهبة ، ولا في إلهام شكر ، بل برأفته أولى النعم ، وبتحننه ألهم الشكر ، وبتفضله بسط في ذلك كله التوفيق ، وبحكمته أرشد إلى الهدى ، وبعدل قضائه لم يجعل ( فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، ولم يدع إليه بسبيل غامض ( ولو بان الدال ) (١) عليه عن الكلام المتداول على الألسنة ، بينونته ـ جل ثناؤه ـ عن عباده ، لحارت الأسماع عن إصغائه ، وتاهت الأفئدة عن بلوغه ، وغربت الأفهام عن حمله غروبها عن كيفية الله ـ جلت أسماؤه ـ.
والحمد لله الذي كان من لطيف صنعه وانفاذ حكمته أن لم يحمل علينا في ذلك إصرا ، وجعل سفيره ـ فيما دعا إليه ـ خيرته من خلقه محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبين منه ـ في أيام الدعوة ، وقبل حدوث النبوة وإظهار الرسالة ـ عناصر طيبة وأعراقا طاهرة وشيما مرضية (٢).
__________________
(١) ما بين المعقوفين زدناه تصحيحا للعبارة ، وكان موضعه بياض في نسخة ( ب ) ، أما نسخة ( أ ) ففيها : ولم يدع اليه سبيل غامض عليه من الكلام.
(٢) في ( ب ) : وسيما مرضية.