رسول الله. ففدى العبّاس نفسه وابني أخيه وحليفه (١).
عائشة : لمّا بعث أهل مكّة في فداء اسرائهم بعثت زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة عليهاالسلام أدخلتها بها الى أبي العاص حتّى بنى عليها. فلمّا رآها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رقّ لها رقّة شديدة وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها مالها فافعلوا.
فقالوا : نعم يا رسول الله ، ففعلوا (٢).
وناحت قريش على قتلاهم ، ثمّ قالت : لا تفعلوا فيبلغ ذلك محمّدا فيشمت بكم (٣).
وكان الأسود بن عبد يغوث قد اصيب بثلاثة من ولده : زمعة وعقيل والحارث بني الأسود ، وكان يحبّ أن يبكي عليهم ، فبينا هو كذلك إذ سمع نائحة في الليل ، فقال لغلام له وقد ذهب بصره : انظر هل احلّ النوح؟ هل بكت قريش على قتلاها لعلّي أبكي على أبي حكيمة يعني زمعة فإنّ جوفي قد احترق؟ فلمّا رجع الغلام قال : إنّما هي امرأة ، تبكي على بعير لها أضلّته ، فذلك حين يقول :
أتبكي أن يضلّ لها بعير |
|
ويمنعها من النوم السهود |
ولا نبكي على بكر ولكن |
|
على بدر تقاصرت الجدود (٤) |
وهتف من جبال مكّة يوم بدر :
أذلّ الحنيفون بدرا بوقعة |
|
سينقضّ منها ملك كسرى وقيصرا (٥) |
أصابت رجالا من لؤيّ وجردت |
|
حرائر تضربن الجرائد حسّرا |
الا ويح من أمسى عدوّ محمّد |
|
لقد ذاق خزيا في الحياة وخسّرا |
وأصبح في هام العجاج (٦) معفّرا |
|
تناوله الطير الجياع وتنقرا (٧) |
__________________
(١) البداية والنهاية : ج ٣ ص ٢٩٩ ، بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٧٣ ـ ٢٧٤ باب ١٠ ح ١٤.
(٢) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٤١.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٢ ص ٣٠٢.
(٤) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٢ ص ٣٠٢.
(٥) في البداية والنهاية : « أزار » بدل « أذل » و « ركن » بدل « ملك ».
(٦) العجاج : الغبار ( لسان العرب ٢ / ٣١٩ ).
(٧) البداية والنهاية : ج ٣ ص ٣٠٨ مع اختلاف.