وكان شعار المسلمين يومئذ : يا منصور أمت (١).
ثمّ تلا بني المصطلق الحديبيّة.
ثمّ اعتمر عمرة الحديبيّة في ألف ونيّف رجل وسبعين بدنة ، فهمّت قريش في صدّه وبعثوا إليه مكرز بن حفص وخالد بن الوليد وصدّوا الهدي ، فبعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عثمان إليهم بزيّ (٢) أنّه معتمر ، فلمّا أبطأ أخذ عليهالسلام البيعة تحت شجرة السمرة على أن لا يفرّوا.
قال الزهري : فلمّا صار بذي الحليفة قلّد النبيّ عليهالسلام الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة ، فلمّا بلغ غدير الأشطاط عند عسفان أتاه عيينة الخزاعيّ فقال له : إنّ كعب بن لؤيّ وعامر بن لؤيّ جمعوا لك الجموع وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت.
فقال عليهالسلام : إنّ خالد بن الوليد بالغميم (٣) طليعة ـ وهو اسم جبل القرقيش ـ فخذوا ذات اليمين. وسار حتّى إذا كان بالثنيّة بركت ناقته فقال : ما خلأت (٤) القصوى ولكن حبسها حابس الفيل.
ثمّ قال : والله لا يسألونني خطّة (٥) يعظّمون فيها حرمات الله إلاّ أعطيتهم إيّاها.
قال : فعدل فنزل بأقصى الحديبيّة على ثمد الفضة (٦) ـ وهي بئر قليل الماء ـ فأتاهم بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة وكانوا عيبة (٧) نصح رسول الله وقال كما قال العين.
فقال النبيّ عليهالسلام : إنّا لم نأت لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين ، في كلام له فقال بديل : سأعلمهم ما يقول فأتى قريشا وقال : انّ هذا الرجل يقول لكم كذا وكذا.
فقال عروة بن مسعود الثقفي : إنّه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوها له.
__________________
(١) الإرشاد للمفيد : ص ٦٢.
(٢) في المناقب : يرى.
(٣) الغميم : كأمير واد بين الحرمين على مرحلتين من مكّة.
(٤) خلأت الناقة : أي بركت من غير علّة.
(٥) الخطّة بالضم : الأمر والخطب.
(٦) في المناقب : ثمد « القصة ».
(٧) العيبة من الرجل : موضع سرّه.