واختلفنا ضربتين ، فبدرته فضربته فقددت الحجر والمغفر ورأسه حتّى وقع السيف في أضراسه وخرّ صريعا ، فرجع من كان مع مرحب وأغلقوا باب الحصن.
فصار أمير المؤمنين عليهالسلام إليه فعالجه حتّى فتحه ، وأكثر الناس من جانب الخندق لم يعبروا معه ، فأخذ باب الحصن وجعله على الخندق جسرا لهم حتّى عبروا وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم ، فاستأذن حسّان بن ثابت النبيّ عليهالسلام أن يقول شعرا ، فقال له : قل ، فأنشأ يقول :
وكان عليّ أرمد العين يبتغي |
|
دواء فلمّا لم يحسّ مداويا |
شفاه رسول الله منه بتفلة |
|
فبورك مرقيّا وبورك راقيا |
وقال سأعطي الراية اليوم صارما |
|
كميّا محبّا للرسول مواليا |
يحبّ إلهي والإله له يحبّه |
|
به يفتح الله الحصون الأوابيا |
فأصفى بها دون البريّة كلّها |
|
عليّا وسمّاه الوزير المؤاخيا (١) |
[ فتح مكّة ]
وتلت هذه الغزاة غزاة الفتح. قيل : كانت لليلتين مضتا من شهر رمضان. وقيل : لثلاث عشرة خلت منه.
وذلك أنّه خرج في نحو من عشرة آلاف رجل : وأربعمائة فارس ، وكان نزل : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ... ) الآية (٢).
ثمّ نزل : ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) (٣) الى آخر السورة ، ونزل : ( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) (٤). فعادت الأعين إليها ممتدّة والرقاب إليها متطاولة.
ودبّر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الأمر فيها بكتمان مسيره الى مكّة ، وستر عزيمته على مراده في أهلها ، وسأل الله تعالى أن يطوي خبره عن أهل مكّة حتى يبغتهم بدخولها ، فكان المؤتمن على هذا السرّ المودع له من بين الجماعة أمير المؤمنين
__________________
(١) الإرشاد : ص ٦٦ ـ ٦٧.
(٢) الفتح : ٢٧.
(٣) النصر : ١.
(٤) الفتح : ١.