[ غزاة حنين ]
وتلا هذه الغزاة غزاة حنين ، كانت هذه الغزاة في شوّال لمّا أمّر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عتاب بن اسيد على مكّة فات الحجّ من فساد هوازن في وادي حنين ، فخرج عليهالسلام في ألفين من مكّة وعشرة آلاف كانوا معه ، وكان النبيّ عليهالسلام استعار من صفوان بن اميّة مائة درع وهو رئيس حشم فعانهم أبو بكر لعجبه بهم ، فقال : لن يغلب القوم عن قلّة ، فنزل ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ .. ) الآية (١).
وأقبل مالك بن عوف النظري فيمن معه من قبائل قريش وثقيف ، وسمع عبد الله بن حدرد عين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابن عوف يقول : يا معشر هوازن إنّكم أحدّاء العرب وأعداها ، وانّ هذا الرجل لم يلق قوما يصدقونه القتال ، فإذا لقيتموه فاكسروا أجفان سيوفكم واحملوا عليه حملة رجل واحد (٢).
قال الصادق عليهالسلام : كان مع هوازن دريد بن الصمّة قد خرجوا به شيخا كبيرا لينتمونه ، فلمّا نزلوا بأوطاس (٣) قال : نعم مجال الخيل ، لا حزن (٤) ضرس (٥) ولا سهل دهس (٦) ، ما لي اسمع رغاء البعير (٧) ونهاق الحمير وبكاء الصغير وثغاء الشاة (٨). ورغاء البقر؟
فقال لابن مالك في ذلك ، فقال : أردت أن أجعل خلف كلّ رجل أهله وماله ليقاتل عنهم.
قال : ويحك لم تصنع شيئا قدّمت ببيضة هوازن في نحور الخيل ، وهل يردّ وجه المنهزم شيء ، إنّما إن كانت لك لم ينفعك إلاّ رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ، ثمّ قال :
__________________
(١) التوبة : ٢٥.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢١٠.
(٣) أوطاس : واد بديار هوازن.
(٤) الحزن ـ فتح الحاء المهملة ـ من الأرض : ضد السهل.
(٥) الضرس بكسر الضاد : الأكمة العسرة المرتقى.
(٦) الدهس : المكان السهل ليس برمل ولا تراب.
(٧) الرغاء بالضم : صوت البعير.
(٨) الثغاء : صوت الشاة.