ولكنّك قد أظلّك خروج نبيّ يأتي ملّة إبراهيم عليهالسلام الحنيفيّة وهذا زمانه.
فخرج سريعا حتى إذا كان بأرض لخم عدوا عليه فقتلوه. قال النبيّ عليهالسلام : زيد بن عمرو يبعث أمّة وحده.
وقد رثاه ورقة بن نوفل :
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنّما |
|
تجنّبت تنوّرا من الله حاميا |
بدينك ربّا ليس ربّ كمثله |
|
وتركك أوثان الطواغي كما هيا |
وقد تدرك الانسان رحمة ربّه |
|
ولو كان تحت الأرض ستّين واديا (١) |
وقال محمّد الفتّال (٢) : إنّه كان عند تربة النبيّ عليهالسلام جماعة فسأل أمير المؤمنين علي عليهالسلام سلمان عن مبدأ أمره.
فقال : كنت من أبناء الدهاقين بشيراز عزيزا على والدي ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجل ينادي أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ عيسى روح الله وأنّ محمّدا حبيب الله. قال : فرصف (٣) حبّ محمّد في لحمي ودمي.
فلمّا انصرفت الى منزلي إذا أنا بكتاب معلّق من السقف. فسألت امّي عنه فقالت : لا تقربه فانّه يقتلك أبوك.
فلمّا جنّ الليل أخذت الكتاب فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله الى آدم أنّه خالق من صلبه نبيّا يقال له محمّد يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن عبادة الأوثان ، يا روزبه أنت وصيّ عيسى فآمن واترك المجوسية.
قال : فصعقت صعقة شديدة ، فأخذني أبي وامّي وجعلاني في بئر عميقة وقالا :
__________________
(١) سيرة ابن اسحاق : ص ١١٩.
(٢) وفي هامش الأصل : ( ذكر ابو محمّد عبد الملك بن هشام النحوي في كتاب سيرة النبيّ ٦ في أوّل الجزء الخامس من ... قال ابن اسحاق : وحدّثني عاصم بن عمرو بن قتادة الأنصاري ، عن محمود بن لبيد ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : حدّثني سلمان الفارسي من فيه ، قال : كنت رجلا فارسيّا من أهل اصبهان من أهل قرية يقال لها جيّ وكان أبي دهقان قريته الى آخر القصّة لفظا بلفظ ، هكذا ذكر وكتب من التاريخ المذكور.
(٣) الرصف : المزج والضم.