المهاجر مولى بني نوفل يقول : سمعت أبا رافع يقول : سمعت أبا طالب بن عبد المطّلب يقول : حدّثني محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ ربّه بعثه بصلة الأرحام ، وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه غيره ، ومحمّد عندي الصدوق الأمين (١).
ولمّا رجع من مهاجرة الحبشة إلى مكّة من رجع بعد نزول سورة « والنّجم » عدا كلّ قوم من مشركة قريش على مسلمتهم بالعداوة والظلم أو يتركون دينهم ، فلجأ أبو سلمة بن عبد الأسد المخزوميّ وامّه برّة بنت عبد المطلب إلى خاله أبي طالب ، فمنعه عن بني مخزوم ، فقال بنو مخزوم لأبي طالب : هل منعت محمّدا ابن أخيك فمالك ولابن أخينا تحيزه علينا؟
فقال أبو طالب : سواء عليّ أحزت ابن أخي أو ابن اختي.
فغضب أبو لهب وقال : يا معشر قريش لقد أكثرتم على هذا الشيخ ، ما تزالون توثّبون عليه في جواره وذمّته من بين قومه ، لتنتهنّ عنه أو لأقومنّ معه في كلّ ما قام به حتى يبلغ مراده.
فقالوا : بل ننصرف عمّا تكره يا أبا عتبة. وكان من قبل آليا على الإسلام وأهله ، فطمع أبو طالب عند ذلك في نصرة أبي لهب ورجا أن يقوم في شأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، فبقي على ذلك أيّاما ، وقال أبو طالب يمدح أبا لهب :
عجبت لحلم [ الله ] يا ابن شيبة عازب |
|
وأحلام أقوام لديك سخاف |
يقولون شايع من أراد محمّدا |
|
بسوء وقم في أمره بخلاف |
فلا تركبنّ الدهر منه زمامه |
|
وأنت امرؤ من خير عبد مناف |
ولا تتركنه ما حببت لمعظم |
|
وكن رجلا ذا نجدة وعفاف |
تذود العدى عن ذروة هاشمية |
|
وإيلافهم في الناس خير إلاف |
وراجم جميع الناس عنه وكن له |
|
وزيرا على الأعداء غير محاف |
فانّ له قربى لديك قريبة |
|
وليس بذي حلف ولا بمضاف |
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٣٥ ص ١١٦ باب ٣ ح ٥٦.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام : ج ٢ ص ١٠ ـ ١١.