وقال ابن عبّاس رضياللهعنه : دخل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الكعبة وافتتح الصلاة ، فقال أبو جهل : من يقوم الى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري وتناول فرثا ودما وألقى ذلك عليه. فجاء أبو طالب رضياللهعنه وقد سلّ سيفه ، فلمّا رأوه جعلوا ينهضون ، فقال أبو طالب : والله لئن قام منكم أحد جلّلته بسيفي. ثم قال : يا ابن أخي من الفاعل بك هذا؟ قال : عبد الله بن الزبعري ، فأخذ أبو طالب رضياللهعنه فرثا ودما وألقى عليه.
وفي روايات متواترة أنّه أمر عبيده أن يلقوا السلا (١) عن ظهره ويغسلوه ، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمرّوا به على أسبلة القوم (٢).
وفي رواية البخاري : أنّ فاطمة عليهاالسلام أماطته عنه ثمّ أوسعتهم شتما وهم يضحكون ، فلمّا سلّم النبيّ عليهالسلام قال : اللهمّ الملأ من قريش ، اللهمّ عليك أبا جهل ابن هشام وعتبه بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبي معيط واميّة بن خلف ، فو الله ما سمّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ أحدا إلاّ وقد رئي يوم بدر ، وقد أخذ برجله يجرّ إلى القليب مقتولا إلاّ اميّة فإنّه كان منتفخا في درعه فتزايل الناس عن جرّه فأقبروه موضعه وألقوا عليه الحجر (٣).
وفي رواية أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّ بنفر من قريش يجزروا جزورا وكانت تسمّيها الفهيرة وتجعلها على النصب ، فلم يسلّم عليهم حتى انتهى صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى دار الندوة ، فقالت قريش : أيمرّ بنا ابن أبي كبشة ولا يسلّم علينا ، فأيّكم يأتيه فيفسد عليه صلاته؟ فقال عبد الله بن الزبعري السهمي : أنا أفعل. فأخذ الفرث والدم فانتهى به إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ساجد فملأ به ثيابه ورأسه ولحيته ، فانصرف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى أتى عمّه أبا طالب ، فقال له : يا عمّ من أنا؟ فقال : ولم يا ابن أخي؟ فقصّ عليه القصّة. فقال : وأين تركتهم؟ فقال : بالأبطح. فنادى في قومه يا آل عبد المطّلب ، يا آل هاشم ، يا آل عبد مناف. فأقبلوا إليه من كلّ مكان ملبّين ، فقال : كم أنتم؟ فقالوا : نحن أربعون. فقال : خذوا سلاحكم ، فأخذوا سلاحهم فانطلق بهم حتى انتهى
__________________
(١) السلا : جلدة فيها الجنين من الناس والمواشي.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٦٠.
(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٦٠.