فقالت : كم دية الرجل عندكم؟
قالوا : عشرة من الإبل.
قالت : فاضربوا على الغلام وعلى الإبل القداح ، فإن خرج القدح على الإبل فانحروها ، وإن خرج عليه فزيدوا في الإبل عشرة عشرة حتى يرضى ربّكم. فكانوا يضربون القداح على عبد الله وعلى عشرة فيخرج السهم على عبد الله ، الى أن جعلها مائة وضرب فخرج القدح على الإبل ، فكبّر عبد المطلب وكبّرت قريش ووقع عبد المطّلب مغشيّا عليه ، وتواثبت بنو مخزوم فحملوه على أكتافهم ، فلمّا أفاق من غشيته قالوا : قد قبل منك فداء ولدك.
فبينا هم كذا وإذا بهاتف من داخل البيت وهو يقول : قبل الفداء ، ونفد (١) القضاء ، وآن ظهور محمّد المصطفى.
فقال عبد المطّلب : القداح تخطئ وتصيب حتى أضرب ثلاثا. فلمّا ضربها خرج على الإبل ، فارتجز يقول :
دعوت ربّي مخلصا وجهرا |
|
يا ربّ لا ينحر بنيّ نحرا |
فنحرها كلّها ، فجرت السنّة في الدية بمائة من الإبل (٢).
ولهذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « أنا ابن الذبيحين ولا فخر » (٣) يعني عبد الله واسماعيل عليهماالسلام.
وكانت امرأة يقال لها فاطمة بنت مرّة قد قرأت الكتب ، فمرّ بها عبد الله بن عبد المطّلب فقالت له : أنت الذي فداك أبوك بمائة من الإبل؟ قال : نعم.
فقالت : هل لك أن تقع عليّ مرّة واعطيك من الإبل مائة؟ فنظر إليها وأنشأ يقول :
أمّا الحرام فالممات دونه |
|
والحلّ لا حلّ فأستبينه |
فكيف بالأمر الذي تبغينه |
__________________
(١) في المناقب : نفذ.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٠ ـ ٢٢.
(٣) الدر المنثور : ج ٥ ص ٢٨١.