ويتصل حبلهم ، وينتصف الضعيف من القويّ ، والفقير من الغني ، ويرتدع الجاهل ، ويتيقّظ العاقل ، فإذا عدم بطل الشرع وأحكام الدين كالحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجميع أركان الإسلام ، إلاّ أن يكون الإمام خائفا على نفسه فقد ظهر عذره.
والعقل يوجب أن يكون الإمام أفضل الامّة ، لأن عبء الإمامة ثقيل ، وخطبها جليل ، وأمرها عظيم ، وخطرها جسيم ، يجب أن يجتمع فيه خصال الخير المفرّقة في غيره ، مثل العلم بكتاب الله وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والفقه في دين الله ، والجهاد في سبيل الله ، والرغبة فيما عند الله ، والزهد فيما بيد خلق الله.
وليس يوصل الى معرفة هذه الخلال المحمودة والخصال المعدودة إلاّ بوحي الله تعالى الى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا ظهر الوحي وجب على الرسول أن ينصّ على من يخلفه بعد وفاته.
ويقتضي العقل أن يكون هذا النصّ منه صلىاللهعليهوآلهوسلم على معصوم ، لأنّ الله عزّ وجلّ عصم رسوله من الزيغ والزلل والخطأ في القول والعمل ، ونزّهه عن أن يحكم بالهوى ويميل الى الدنيا.
والنصّ على ضربين : قول وفعل. فالقول قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هذا عليّ وزيري ، وخليفتي على أمّتي ، وقاضي ديني ، والمبلّغ عنّي » (١) وأشباه ذلك.
وأمّا الفعل فكفعله صلىاللهعليهوآلهوسلم به عليهالسلام أنّه ولاّه على سراياه وجيوشه ولم يولّ عليه أحدا ، بل ولاّه على جميع أصحاب جيوشه وسيّرهم تحت رايته ، ولم يكن كمن سار تحت راية عمرو بن العاص واسامة بن زيد بن ثابت وغيرهم ، وقد علم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان أميرا في جيوشه غير مؤمّر عليه.
واختلف الناس في الإمامة بعد مضيّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكانوا فرقتين : فرقة علويّة ، وفرقة بكريّة.
__________________
(١) قريب منه ما في بحار الأنوار : ج ٢٣ ص ١٥٣ ح ١١٨.