ومضى مع أبيه فزوّجه أبوه آمنة ، فظلّ عندها يوما وليلة فحملت بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ انصرف عبد الله ومرّ بها فلم يربها حرصا على ما قالت أوّلا ، فقال لها عند ذلك مختبرا : هل لك فيما قلت لي فقلت لا؟
قالت : قد كان ذاك مرّة فاليوم لا. فذهبت كلمتاهما مثلا.
ثم قالت : أيّ شيء صنعت بعدي؟
قال : زوّجني أبي آمنة فبتّ عندها.
فقالت : لله ما زهريّة سلبت ثوبيك ما سلبت وما تدري.
ثمّ قالت : رأيت في وجهك نور النّبوة فأردت أن يكون فيّ ، وأبى الله أن يضعه إلاّ حيث يحبّ. ثمّ قالت :
بني هاشم قد غادرت من أخيكم |
|
امينة إذ للباه يعتلجان |
كما غادر المصباح بعد خبوّه |
|
فتائل قد ميثت له بدخان |
وما كلّ ما يحوي الفتى من نصيبه |
|
بحرص ولا ما فاته بتواني |
ويقال انّه مرّ بها وبين عينيه غرّة مثل غرّة الفرس.
وكان عند الأحبار جبّة صوف بيضاء قد غمست في دم يحيى بن زكريّا ، وكانوا قد قرءوا في كتبهم : إذا رأيتم هذه الجبّة تقطر دما فاعلموا أنّه قد ولد أبو السفّاك الهتّاك.
فلمّا رأوا ذلك من الجبّة اغتمّوا ، واجتمع خلق منهم على أن يقتلوا عبد الله ، فوجدوا الفرصة منه لكون عبد المطّلب في الصيد ، فقصدوه فأدركه وهب بن عبد مناف الزهري ، فحان منه نظرة ، فنظر الى رجال نزلوا من السماء فكشفوهم عنه ، فزوّج ابنته من عبد الله ، قال : فماتت من نساء قريش مائتا امرأة غيرة.
ويقال : إنّ عبد الله كان في جبينه نور يتلألأ ، فلمّا قرب حمل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يطق أحد رؤيته ، وما مرّ بشجر ولا حجر إلاّ سجد له وسلّم عليه ، فنقل الله منه نوره يوم عرفة وقت العصر وكان يوم الجمعة الى آمنة (١).
__________________
(١) المناقب : ج ١ ص ٢٧.