والثاني : طريقة القرآن.
والثالث : طريقة الخبر.
فأمّا القرآن فإنّا وجدنا الله تعالى يخبر عن نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه لم يكن من المتكلّفين الذين يفعلون ما لا يؤمرون ، قال الله سبحانه حاكيا عن نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (١).
وقال عزّ وجلّ : ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ ) (٢) وقال تقدّس اسمه : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (٣). ثمّ قال تعالى في فرض طاعته وتجنّب معصيته : ( ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٤).
قال أهل العدل : وجدنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا آخى بين أصحابه ضمّ كلّ شكل الى شكله ، وكلّ إنسان الى مثله ، وكلّ نظير الى نظيره ، فضمّ أبا بكر الى عمر ، وعثمان الى أبي عبيدة بن الجراح ، وطلحة الى الزبير ، وسعد بن أبي وقاص الى سعيد بن نفيل ، وآخى بينهم على هذا المثال ، وآخى بينه وبين أمير المؤمنين عليهماالسلام.
ولمّا جاءه نصارى نجران وطال بينهم الخطاب أوحى الله تعالى الى نبيّه بأن يباهل ، فقال عزّ وجلّ : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٥) فقال للنصارى : إنّ ربّي عزّ وجلّ أمرني بالمباهلة ، وواعدهم الى غد ذلك اليوم. فظنّ النصارى ومن ارتاب بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصحابة أنّه يباهل بهم وبعدّة النصارى وهم سبعون رجلا منهم المعروف بالسيّد والعاقب. فلمّا غدوا إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر عليّا عليهالسلام أن يدعو الحسن والحسين وامّهما عليهمالسلام ، فلمّا أحضرهم أدخلهم تحت أغصان شجرة وجلّلهم بالعباءة التي كانت على فاطمة عليهاالسلام ، وأدخل منكبه الأيسر معهم ، وقال للنصارى : إنّي مباهل. فقالوا : احتكم يا أبا القاسم
__________________
(١) ص : ٨٦.
(٢) الأنعام : ٥٠.
(٣) النجم : ٤.
(٤) الحشر : ٧.
(٥) آل عمران : ٦١.