وورّث الله قريشا أموالهم وما معهم. وسمّى الناس قريشا أهل الله وسمّتهم العرب الحمى الممنوع ، وقالوا : قاتل الله عنهم أقيالهم وخوّلهم أموالهم.
وهو الذي سار الى سيف بن ذي يزن وبشّره بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال ابن عباس رضي الله عنهما : لمّا ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة وذلك بعد مولد النبيّ عليهالسلام بسنتين أتته وفود العرب وأشرافها وشعراؤها تهنئه وتمدحه وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثار قومه. فأتى وفد قريش وفيهم عبد المطّلب بن هاشم واميّة بن عبد شمس وأسد بن عبد العزّى وعبد الله بن جذعان فقدموا عليه وهو في قصر له يقال له غمدان ، وله يقول أبو الصلت :
لن يدرك الثأر أمثال بن ذي يزن |
|
في لجّة البحر للأعداء أحوالا |
أتى هرقلا وقد شالت نعامته |
|
فلم تجد عنده القول الذي قالا |
ثمّ انثنى نحو كسرى بعد تاسعة |
|
من السنين لقد أبعدت إيغالا |
حتى أتى بفتى الأحرار يقدمهم |
|
إنّك لعمري لقد أسرعت إرقالا |
من مثل كسرى وبهرام الجنود له |
|
ومثل وهرز يوم [ الجيش إذ صالا ] (١) |
لله درّهم من عصبة خرجوا |
|
ما أن رأينا لهم في الناس أمثالا |
صيدا جحاجحة بيضا خضارمة |
|
اسدا تربّت في الغابات أشبالا |
أرسلت اسدا على سود الكلاب فقد |
|
غادرت جمعهم في الأرض أفلالا |
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا |
|
في رأس غمدان دارا منك محلالا |
ثمّ أطل بالمسك إذ شالت نعامتهم |
|
وأسبل اليوم في برديك أسبالا |
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا |
|
بماء فعادا بعد أبوالا (٢) |
فطلبوا الإذن عليه فأذن لهم ، فدخلوا فوجدوه متضمّخا بالعبير ، وعليه بردان أخضران قد اتّزر بأحدهما وارتدى بالآخر ، وسيفه بين يديه والملوك عن يمينه وشماله ، وأبناء الملوك والمقاول. فدنا عبد المطّلب واستأذنه في الكلام ، قال له : قل.
__________________
(١) بياض في الأصل.
(٢) تاريخ الطبري : ج ١ ص ٥٦٤ ، السيرة النبوية لابن هشام : ج ١ ص ٦٧ ـ ٦٨ مع اختلاف.