فلمّا قدم هاشم بالكتاب على أبي موسى دعا أبو موسى السائب بن مالك الأشعري فقال له : ما ترى؟ وأقرأه الكتاب إليه.
فقال له السائب : اتّبع ما كتب به إليك أمير المؤمنين. فأبى وعصى ، وبعث الى هاشم يخوّفه ويتوعّده.
قال السائب : فأتيت هاشما فأخبرته برأي أبي موسى ، فكتب هاشم الى عليّ عليهالسلام كتابا هذه نسخته :
بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى عبد الله عليّ أمير المؤمنين من هاشم بن عتبة ، سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أمّا بعد فإنّي قدمت يا أمير المؤمنين بكتابك على امرئ شاقّ عاقّ بعيد الرحم ظاهر الغلّ والشنآن (١) ، يهدّدني بالسجن مرّة وبالقتل مرّة ، وقد بعثت بكتابي إليك مع المحل بن خليفة الطائي ، وهو من شيعتك وأنصارك وعنده علم نبأ ما قلت (٢) ، فاسأله عمّا بدا لك واكتب إليّ برأيك والسلام (٣).
فلمّا قدم المحل بكتاب هاشم الى عليّ عليهالسلام سلّم عليه ثمّ قال : الحمد لله الذي أدّى الحقّ الى أهله ، ووضعه موضعه ، وإن كان ذلك قد كرهه قوم يسير ، فقد والله كرهوا نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ نابذوه وبارزوه وجاهدوه ، فردّ الله كيدهم في نحورهم ، وجعل دائرة السوء عليهم ، والله يا أمير المؤمنين لنجاهدنّهم معك في كلّ موطن حفظا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أهل بيته إذ صاروا اعدى الخلق لآل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده.
فرحّب به عليّ عليهالسلام وقال له خيرا ، وقرأ كتاب هاشم ، ثمّ سأله عن الناس وعن أبي موسى ، فقال له المحل : والله ما أثق به ولا آمنه على خلافك إن وجد من يساعده على ذلك.
فقال عليّ عليهالسلام : والله ما كان عندي بمؤتمن ولا ناصح ، ولقد كان أصحابي الذين كانوا قبلي استولوا على مودّته وتأميره ، وانّي أردت عزله فأتاني الأشتر
__________________
(١) في الجمل : الشقاق.
(٢) في الجمل : وعنده علم ما قبلنا.
(٣) مصنّفات الشيخ المفيد ج ١ ص ٢٤٣.