عهودهم ومواثيقهم بذلك. فحادثه معاوية ساعة وأخرجه عمّا كانوا عليه وضاحكه وداعبه. ثمّ قال : يا أبا عبد الله هل من غداء؟
فقال : أمّا والله شيء يشبع من ترى فلا.
فقال معاوية : يا غلام هلمّ غداك. فآتوه بالطعام المستعدّ فوضع ، فقال له : ادع مواليك وأهلك يا ابا عبد الله فدعاهم.
فقال له عمرو : ادع أصحابك ثمّ يجلس هؤلاء بعدهم. فجعلوا كلّما قام رجل من حاشية عمرو قعد مكانه رجل من حاشية معاوية حتى خرج أصحاب عمرو وجلس أصحاب معاوية ، وقام الذي وكّله معاوية بغلق فأغلقه ، فقال معاوية لعمرو : والله بيني وبينك أمران اختر أيّهما شئت : البيعة لي أو قتلك ، وليس والله غير ذلك. قال عمرو : فإذن لو ردّ غلامي حتى استشيره وانظر ما ذا رأيه. قال : والله لا يراك ولا تراه إلاّ قتيلا أو على ما قلت لك. قال : فالوفاء إذن بطعمة مصر. قال : هي لك ما عشت.
فاستوثق كلّ واحد منهما من صاحبه ، وأحضر الخواصّ من أهل الشام ، ومنع أن يدخل معهم أحد من حاشية عمرو ، فقال لهم عمرو : قد رأيت أن ابايع معاوية فلم أر أحدا أقوى على هذا الأمر منه. فبايعه أهل الشام ، وانصرف الى منزله.
وذكر عن يحيى بن معين أنّ عدّة من قتل من أهل الشام وأهل العراق ـ في مائة يوم وعشرة أيّام ـ مائة ألف وعشرة آلاف ، من أهل الشام ممّن حضر الحرب بصفّين مائة وخمسين ألف مقاتل دون الخدم والأتباع ، وأهل العراق مائة وعشرون ألف مقاتل دون الخدم والأتباع ، والله أعلم.
وقعة النهروان
وهم المارقون.
قيل : لمّا دخل عليّ عليهالسلام الكوفة بعد عوده من صفّين انحاز عنه اثنا عشر ألفا من أهل العراق ، فنزلوا حروراء قرية بالكوفة ، وجعلوا عليهم شبث بن ربعي