فقال الكاهن :
أما وربّ القلص (١) الرواسم (٢) |
|
يحملن أزوالا (٣) بفيء طاسم |
إنّ علاء المجد والمكارم |
|
في شيبة الحمد الندى بن هاشم |
فقال عبد المطّلب : اقض بين قريش وبين ثقيف أيّهم أفضل؟
فقال الكاهن :
إنّ مقالي فاسمعوا شهادة |
|
إنّ بني النضر كرام سادة |
من مضر الحمراء في القلادة |
|
أهل رباء وملوك قادة |
زيارة البيت لهم عبادة |
ثمّ قال : إنّ ثقيفا عبد آبق ، فثقف فعتق ، ثمّ ولد فأبّق ، فليس له في النسب من حقّ.
أبّق : أيّ أكثر ، والبقّ من هذا اخذ.
ففضّل عبد المطّلب وقريشا على الثقفي وقومه.
وكان لعبد المطّلب حوضان يسقي فيهما اللبن والعسل ، يربّيان حصوريان.
وأنشد بعضهم لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام :
أنا ابن ذي الحوضين عبد المطّلب |
|
أخو رسول الله لا قول الكذب |
وأنبط الله لعبد المطلب ماء زمزم ، وحوّض عليه ، فجاءته قريش حسدا له فثلمته ، فقال : « اللهمّ إنّي لا أحلّها لمغتسل وهي لشارب حلّ وبلّ » فكان بعد من رامه بسوء سيئ به ، واصيب ببليّة في جسده ، فهو ماء عبد المطلب. ثمّ صار لأبي طالب ، وكان مملقا ، وكان أخوه العبّاس ذا مال فادّان منه عشرين ألفا ولم يقدر على قضائها.
فقال العبّاس : يا أبا طالب إنّه مال كثير ولا قضاء عندك فاجعل لي ماء زمزم
__________________
(١) فرس مقلص : طويل القوائم منضمّ البطن ( لسان العرب ٧ / ٨٠ ).
(٢) رسمت الناقة : اثّرت في الأرض من شدّة وطئها ( لسان العرب ١٢ / ٢٤١ ).
(٣) الزّول : الخفيف الظريف ، والجمع أزوال ( لسان العرب ١١ / ٣١٦ ).