يحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوّة (١) ومهبط الروح الأمين ، ما الذي نقموا (٢) من أبي حسن؟ نقموا والله شدّة وطئته (٣) ، ونكال وقعته (٤) ، ونكير سيفه (٥) ، وتنمّره في ذات الله (٦).
وأيم الله لو تكافّوا (٧) على زمام نبذه (٨) إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لسار بهم سيرا سجحا (٩) لا يكلم خشاشة (١٠) ، ولا يتعتع راكبه (١١) ، ولاوردهم منهلا نميرا فضفاضا (١٢) ، تطفح ضفتاه (١٣) ، ولأصدرهم بطانا (١٤) ، قد يحترق بهم الري غير منجلي منه بطائل (١٥) ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض.
ألا هلمّ فاعجب وما عشت أراك الدهر عجبا ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون
__________________
(١) ويح كلمة تستعمل في الترحّم والتوجّع والتعجّب. والزحزحة : التنحية والتبعيد.
والزعزعة : التحريك. والرواسي من الجبال : الثوابت الرواسخ. وقواعد البيت : أساسه.
(٢) يقال : نقمت على الرجل : أي عتبت عليه وكرهت شيئا منه.
(٣) الوطأة : الأخذة الشديدة والضغطة ، وأصل الوطء : الدوس بالقدم ويطلق على الغزو والقتل لأنّ من يطأ الشيء برجليه فقد استقصى في هلاكه وإهانته.
(٤) النكال : العقوبة التي تنكل الناس. والوقعة : صدمة الحرب.
(٥) التنكير : الإنكار ، أي إنكار سيفه فإنّه عليهالسلام كان لا يسلّ سيفه إلاّ لتغيير المنكرات.
(٦) تنمّر فلان : أي تغيّر وتنكّر وأوعد ، لأنّ النمر لا تلقاه أبدا إلاّ متنكرا غضبان. والمراد بقولها عليهاالسلام في ذات الله أي في الله ولله.
(٧) التكافّ تفاعل من الكفّ : وهو الدفع والصرف. والزمام ككتاب : الخيط الذي يشدّ في البرة والخشاش ثم يشدّ في طرفه المقود ، وقد يسمّى المقود زماما.
(٨) نبذه : طرحه.
(٩) السجح بضمتين : اللّين السهل.
(١٠) الكلم : الجرح. والخشاش بكسر الخاء المعجمة : ما يجعل في أنف البعير من خشب ويشدّ به الزمام ليكون أسرع لانقياده.
(١١) تعتعت الرجل : أي اقلقته وأزعجته.
(١٢) المنهل : المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي ، وتسمّى المنازل التي في المفاوز على طرق السفّار مناهل لأنّ فيها ماء. قاله الجوهري. وقال : ماء نمير : أي ناجع ، عذبا كان أو غيره. والفضفاض : الواسع ، يقال عيش فضفاض وثوب فضفاض.
(١٣) تطفح : تمتلئ حتى تفيض. وضفتا النهر : جانباه.
(١٤) بطن كعلم : عظم بطنه من الشبع ، ومنه الحديث : تغدو خماصا وتروح بطانا ، والمراد عظم بطنهم من الشرب ..
(١٥) الطائل : الغناء والمزيّة والسعة والفضل.