أنّهم يحسنون صنّعا (١) ولعمر الله لقحت (٢) ، فنظرة ريثما تنتج (٣) ، ثمّ احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا (٤) ، وذعافا ممقرا (٥) ، فهنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ (٦) ما أسّس الأوّلون ، فطيبوا عن أنفسكم نفسا (٧) ، وطأمنوا الفتنة جأشا (٨) ، وابشروا بسيف صارم (٩) ، وهرج شامل (١٠) ، يدع فيئكم زهيدا (١١) ، وجمعكم فيكم حصيدا (١٢) ، فيا حسرة عليكم ، فإنّي بكم (١٣) وقد عميت عليكم (١٤) ( أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ ) (١٥).
قال ابن عبّاس : فلمّا اشتدّت علّتها عليهاالسلام قال عمر لأبي بكر : اذهب بنا حتى نعود فاطمة بنت محمّد عليهاالسلام. فجاءا الى أمير المؤمنين عليهالسلام فسلّما عليه وقالا له :
__________________
(١) رغما مثلّثة : مصدر رغم أنفه أي لصق بالرّغام وهو التراب ، ورغم الأنف يستعمل في الذلّ والعجز عن الانتصار والانقياد على كره. والمعاطس جمع معطس بالكسر والفتح وهو الأنف.
(٢) لقحت : حملت ، والفاعل فعلتهم أو فعالهم ، أو الفتنة أو الأزمنة.
(٣) النظرة بفتح النون وكسر الظاء : التأخير. وريثما تنتج : أي قدر ما تنتج.
(٤) القعب : قدح من خشب يروي الرجل واحتلاب طلاع القعب : هو أن يمتلئ من اللبن حتى يطلع عنه ويسيل. العبيط : الطري.
(٥) الذعاف : السمّ. والمقر بكسر والقاف : الصبر ، وأمقر : أي صار مرّا.
(٦) غبّ كلّ شيء : عاقبته.
(٧) طاب نفس فلان بكذا : أي رضي به من دون أن يكرهه عليه أحد ، وطابت نفسه عن كذا أي رضي ببذله.
(٨) طأمنته : سكّنته فاطمأن. والجأش مهموزا : النفس والقلب ، أي اجعلوا قلوبكم مطمئنة لنزول الفتنة.
(٩) الصارم : القاطع.
(١٠) الهرج : الفتنة والاختلاط.
(١١) الفيء : الغنيمة والخراج وما حصل للمسلمين من أموال الكفّار من غير حرب. والزهيد :
القليل.
(١٢) الحصيد : المحصود ، ويدع جمعكم حصيدا كناية عن قتلهم واستئصالهم.
(١٣) أي وأنّى تلحق الهداية بكم.
(١٤) عميت عليكم بالتخفيف : أي خفيت والتبست ، وبالتشديد على صيغة المجهول أي لبّست.
(١٥) كشف الغمّة : ج ١ ص ٤٩٢ ـ ٤٩٤ ، بحار الأنوار : ج ٤٣ ص ١٥٨ ـ ١٥٩ باب ٧ ح ٨ وقد أخذنا شرح الألفاظ منه.