والحسين وابن عبّاس : أحقّ ما يقول ابن جعفر؟ قال ابن عبّاس وكان معاوية بالمدينة أوّل سنة اجتمع عليه الناس بعد قتل عليّ عليهالسلام : أرسل الى الذين قد سمّاهم عبد الله. فأرسل إلى عمرو بن أمّ سلمة ومن معه جميعا فشهدوا أنّ الذي قال ابن جعفر قد سمعوه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما سمعه ابن جعفر. ثمّ أقبل معاوية على الحسن والحسين وابن عبّاس والفضل وابن أمّ سلمة فقال لهم : كلّكم على ما قال ابن جعفر؟ قالوا : نعم. فقال معاوية : فإنّكم يا بني عبد المطّلب تدّعون أمرا عظيما وتحتجّون بحجّة قويّة وإنّكم تصرّون على أمر وتسترونه والناس في غفلة وغمار ، لئن كان ما تقولون حقّا لقد هلكت الامّة ورجعت عن دينها وكفرت بربّها وجحدت نبيّها إلاّ أنتم أهل البيت ومن قال بقولكم ، واولئك قليل في الناس.
فأقبل ابن عبّاس رضي الله عنهما على معاوية وقال : قال الله تعالى : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) (١) وقال : ( وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) (٢) وما تعجب منّا يا معاوية أعجب من بني إسرائيل انّ السحرة قالوا لفرعون ( فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ ) (٣) وآمنوا بموسى عليهالسلام وصدّقوه ، ثمّ سار بهم وبمن اتّبعهم من بني اسرائيل فأقطعهم البحر وأراهم العجائب وهم مصدّقون بموسى والتوراة يقرّون له بدينه ، ثمّ مرّوا بأصنام تعبد فقالوا : ( اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) (٤) وعكفوا على العجل غير هارون ( فَقالُوا : هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى ) (٥) وبعد ذلك دخلوا الأرض المقدّسة فكان من جوابهم ما قصّ الله عنهم ، فقال موسى ( رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) (٦) فأمّا اتّباع هذه الامّة رجالا سوّدوهم وأطاعوهم لهم سوابق مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنازل قريبة منه ، واظهار مقرّون بدين محمّد وبالقرآن ، حملهم الكبر والحسد أن خالفوا إمامهم ووليّهم. يا عجبا من قوم صاغوا من حليّهم عجلا عكفوا عليه يعبدونه ويسجدون له
__________________
(١) سبأ : ١٣.
(٢) ص : ٢٤.
(٣) طه : ٧٢.
(٤) الأعراف : ١٣٨.
(٥) طه : ٨٨.
(٦) المائدة : ٢٥.