ويزعمون أنّه ربّ العالمين غير هارون وحده ، وقد بقي مع صاحبنا ـ الذي هو من نبيّنا بمنزلة هارون من موسى ـ اناس منهم سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير ، ثمّ رجع الزبير وثبت هؤلاء الثلاثة مع إمامهم حتى لقوا الله. وتعجب يا معاوية من الامّة واحدا بعد واحد وقد نصّ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بغدير خمّ وفي غير موطن وأمر بطاعتهم وأخبر أنّ أوّلهم عليّ بن أبي طالب وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة من بعده وأنّه خليفته فيهم ووصيّه ، وقد بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جيشا يوم مؤتة فقال : عليكم بجعفر ، فإن هلك فزيد ، فإن هلك فعبد الله بن رواحة ، فقتلوا جميعا ، وتراه ترك الامّة جميعا ولم يبيّن لهم الخليفة من بعده ليختاروا هم لأنفسهم الخليفة ، كأنّ رأيهم لأنفسهم أهدى لهم وأشدّ من رأيه واختياره! وما ركب القوم ما ركبوا إلاّ بعد ما بيّنه لهم ولم يتركهم في غمّاء ولا في شبهة. فأمّا ما قال الرهط الأربعة الذين تظاهروا على عليّ عليهالسلام وكذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « إنّ الله تعالى لا يجمع لنا أهل البيت النبوّة والخلافة » فقد لبسوا على الناس بشهادتهم بكذبهم ومكرهم. قال معاوية : ما تقول يا حسن؟ فقال : يا معاوية قد سمعت ما قال ابن عبّاس ، ثمّ العجب منك يا معاوية ومن قلّة حيائك ومن جرأتك على الله حين قلت : « قد قتل الله طاغيتكم وردّ الأمر الى معدنه » فأنت يا معاوية معدن الخلافة من دوننا؟! ويل لك يا معاوية وللثلاثة الذين أجلسوك هذا المجلس وسنّوا لك هذه السنّة ، لأقولنّ كلاما ما أنت أهله ولكن أقول يسمع بنو أبي هؤلاء الذين حولي : إنّ الناس قد اجتمعوا على امور كثيرة ليس بينهم اختلاف فيها ولا تنازع ولا فرق على شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله عبده والصلوات الخمس والزكاة المفروضة وصوم شهر رمضان وحجّ بيت الله الحرام ثمّ أشياء كثيرة لا تحصى ولا يعدّها إلاّ الله ، واجتمعوا على تحريم الزنا والسرق والكذب والقطيعة والخيانة وأشياء كثيرة من معاصي الله عزّ وجلّ ، واختلفوا في سنّة كبيرة ـ اقتتلوا فيها وصاروا فيها فرقا يلعن بعضهم بعضا وهي الولاية ويبرأ بعضهم من بعض ويقتل بعضهم بعضا ـ أنّهم أحقّ بها وأولى إلاّ فرقة تتّبع كتاب الله وسنّة نبيّه عليهالسلام ، فمن