هذا وقت حاجتك الى الدرّاعة. فكشفت طرف المنديل عنها ، ودخل عليّ خادم هارون فقال : أجب أمير المؤمنين. فقلت : أيّ شيء حدث؟ قال : لا أدري. ومضيت فدخلت عليه وعنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه ، فقال : يا عليّ ما فعلت الدرّاعة التي وهبتها لك؟ قلت : ما كساني به أمير المؤمنين أكثر من ذلك ، فعن أيّ درّاعة تسألني يا أمير المؤمنين؟ قال : الدرّاعة الديباج السوداء المذهّبة. قلت : وما عسى أن يصنع مثلي بمثلها ، إذا انصرفت من دار أمير المؤمنين دعوت بها فلبستها وصلّيت فيها ركعتين أو أربع ركعات ، ولقد دخل عليّ الرسول وقد دعوت بها لأفعل ذلك. فنظر إلى عمر بن بزيع وقال : أرسل من يجيئني بها. فأرسلت خادمي فجاءني بها. فلمّا رآها قال : يا عمر ما ينبغي لنا أن نقبل قول أحد على عليّ بعد هذا ، وأمر لي بخمسين ألف درهم ، فحملت مع الدرّاعة ، فبعثت بها وبالمال إليه من يومي ذلك (١).
وقال سيف بن عمير ، عن إسحاق بن عمّار : سمعت العبد الصالح ينعى الى رجل نفسه. فقلت في نفسي : وأنّه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته. فالتفت إليّ شبه المغضب وقال : يا إسحاق كان رشيد الهجري من المستضعفين وكان يعلم علم البلايا والمنايا ، والحجّة أولى بعلم ذلك.
ثمّ قال : يا إسحاق اصنع ما أنت صانع عمرك قد فنى وأنت تموت بعد قليل وأخوك وأهل بيتك لا يلبثون إلاّ يسيرا حتى تفترق كلمتهم ويخون بعضهم بعضا قال إسحاق : فإنّي استغفر الله ممّا عرض في صدري. قال سيف : فلم يلبث إسحاق بن عمّار إلاّ يسيرا حتى مات ، وما ذهبت الأيّام حتى أفلس ولد عمار وقاموا بأموال الناس (٢).
وقال عليّ بن شعيب العقرقوفيّ : بعثت مولاي الى أبي الحسن عليهالسلام ومعه مائتا دينار وكتبت معه كتابا ، كان من الدنانير خمسون دينارا من دنانير اختي فاطمة
__________________
(١) الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٥٦ ح ٩.
(٢) بصائر الدرجات : ج ٦ باب ١ ص ٢٦٥ ح ١٣ مختصرا.