فيما عند الله عزّ وجلّ ، وكان الله سبحانه وتعالى آنسه في الوحشة ، وصاحبه في الوحدة ، وغناه في العيلة ، ومعزّه من غير عشيرة. يا هشام إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة ، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه ، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته (١).
فصل
في ذكر وفاة الكاظم عليهالسلام وسببها وموضع قبره
وكان سبب وفاته عليهالسلام انّ يحيى بن خالد سمّه في رطب وريحان أرسل بهما إليه مسمومين بأمر الرشيد.
ولمّا سمّ وجّه إليه الرشيد بشهود حتى يشهدوا عليه بخروجه عن أملاكه. فلمّا دخلوا عليه قال : يا فلان بن فلان سقيت السمّ في يومي هذا ، وفي غد يصفارّ بدني ويحمارّ ، وبعد غد يسودّ وأموت. فانصرف الشهود من عنده ، فكان كما قال.
وتولّى أمره ابنه عليّ الرضا عليهالسلام. ودفن ببغداد في مقابر قريش في بقعة كان قبل وفاته ابتاعها لنفسه (٢).
وكانت وفاته في حبس السندي بن شاهك لستّ خلون من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وعمره يومئذ خمس وخمسون سنة (٣).
وحدّث أبو المفضل محمّد عبد الله ، قال : حدّثنا جعفر بن مالك الفزاري ، قال : حدّثني محمّد بن إسماعيل الحسني ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ الثاني عليهالسلام ، قال : إنّ موسى عليهالسلام قبل وفاته بثلاثة أيّام دعا المسيّب وقال له : إنّي ظاعن عنك في هذه الليلة الى مدينة جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأعهد إلى من بها عهدا يعمل به
__________________
(١) تحف العقول : ص ٣٨٦ ـ ٣٨٨.
(٢) دلائل الإمامة : ص ١٤٨.
(٣) الكافي : ج ١ ص ٤٧٦.