يدخل على النسوان ، فأعرض بوجهه قال : فحججت بعد ذلك فدخلت على أبي جعفر عليهالسلام ، فسألته عن المسائل ، فأجابني بالجواب (١).
ومكث أبو جعفر عليهالسلام مستخفيا بالإمامة ، فلمّا صار له ستّ عشرة سنة وجّه المأمون حمله وأنزله بالقرب من داره ، وعزم على تزويجه ابنته أمّ الفضل ، فاجتمعت بنو هاشم (٢) وسألوه أن لا يفعل ذلك فقال لهم : هو والله لأعلم بالله ورسوله وسنّته وأحكامه من جميعكم. فخرجوا من عنده وبعثوا إلى يحيى بن أكثم يسألونه الاحتيال على أبي جعفر بمسألة في الفقه. فلمّا اجتمعوا وحضر أبو جعفر عليهالسلام قالوا : يا أمير المؤمنين هذا يحيى بن أكثم إن أذنت له أن يسأل أبا جعفر عن مسألة في الفقه فننظر كيف فهمه. فأذن المأمون في ذلك. فقال يحيى لأبي جعفر عليهالسلام : ما تقول في محرم قتل صيدا؟ قال أبو جعفر : في حلّ قتله أم في حرم؟ عالما أم جاهلا؟ عمدا أم خطأ؟ صغيرا كان الصيد أم كبيرا؟ حرّا كان القاتل أم عبدا؟ مبدئا أو معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أو غيرها؟ من كبارها أو صغارها؟ مصرّا أو نادما؟ بالليل في وكرها أو بالنهار عيانا؟ محرما للعمرة أو للحجّ؟
فانقطع يحيى انقطاعا لم يخف على أهل المجلس ، وتحيّر الناس تعجّبا من جوابه ، ونشط المأمون فقال : أتخطب أبا جعفر لنفسك؟ فقال عليهالسلام : الحمد لله إقرارا بنعمته ، ولا إله إلاّ الله إخلاصا لوحدانيته ، وصلّى الله على محمّد سيّد بريّته ، وعلى الأصفياء من عترته. أمّا بعد فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (٣) ثمّ إنّ محمّد ابن عليّ بن موسى يخطب أمّ الفضل بنت عبد الله المأمون ، وقد بذل لها من الصداق مهر جدّته فاطمة بنت محمّد عليهماالسلام وهو خمس مائة درهم جيادا ، فهل زوّجتموه
__________________
(١) دلائل الإمامة : ص ٢٠٦.
(٢) كذا في الأصل ودلائل الإمامة : والصحيح كما في الاحتجاج وكشف الغمة فبلغ ذلك العباسيين.
(٣) النور : ٣٢.