فولدت له عبد المطّلب ، واسمه شيبة الحمد ، فصارت مكارم الأخلاق كلّها إليه.
وقد قيل : إنّما سمّي شيبة لأنّه ولد وكان في رأسه شعرة بيضاء حين ولد ، فبذلك سمّي شيبة.
وولد بيثرب وهي المدينة ، فمكث بها سبع سنين أو ثمان سنين حتى أخذه المطّلب وأردفه خلفه على راحلته لا يثق أن يدعه وحده ظنّا به وحبّا له ، ودخل به مكّة فسمّي بذلك عبد المطّلب ، وأقام في مكّة وهو سيّدها وكبيرها ، فتزوّج هالة بنت الحارث ، فولدت له أبا لهب واسمه عبد العزّى ، فخرج كافرا شيطانا رجيما ، ثمّ ماتت فتزوّج بعدها سعدى بنت غياث فأولدها العبّاس ثمّ ماتت ، فتزوّج بعدها حميدة فولدت له حمزة سيّد الشهداء وحجل وعاتكة ، وبقي زمانا ودهرا لا يدري من يتزوّج من نساء العالمين حتى اري في منامه أن يتزوّج فاطمة بنت عمرو ، فتزوّجها وأمهرها مائة ناقة حمراء ومائة رطل من الذهب الأحمر ، فواقعها فأولدها أبا طالب وآمنة بنت عبد المطّلب وبرّة بنت عبد المطّلب.
وأقام على ذلك زمانا ودهرا لا يخرج نور رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من وجه عبد المطّلب الى بطن فاطمة ، فلمّا كان يوما من الأيّام راجعا من قنصه وصيده في الظهيرة نصف النهار وهو عطشان يلهث فرأى في الحجر ماء فنزل فشرب من ذلك الماء فوجد برده على قلبه ، ثمّ دخل تلك الساعة على فاطمة فواقعها فحملت بعبد الله ، وهو أصغر أولاده.
فلمّا ولد سرّ أبوه سرورا شديدا ، ولم يبق أحد من أحبار الشام إلاّ علم بمولده ، وذلك أنّه كانت عندهم جبّة من صوف بيضاء ، وكانت الجبّة مغموسة في دم يحيى بن زكريّا عليهماالسلام ، وكانوا يجدون في الكتب عندهم إذا رأيتم الجبّة بيضاء والدم يقطر فاعلموا أنّه قد ولد عبد الله بن عبد المطّلب ، فعدّوا الأيّام والشهور والسنين فلمّا أن صار غلاما مترعرعا قدم عليه الأحبار ليقتلوه فصرف الله عزّ وجلّ كيدهم عنه ، فرجعوا الى الشام ولم يقدروا له على حيلة.
قال : وكانت تجارات قريش يومئذ بأرض الشام ، فكان لا يقدم على أحبار