والسادسة : العبادات لم يشرع منها مدّة مقامه بمكّة إلاّ الطهارة والصلاة ، وكانت فرضا عليه وسنّة لامّته ، ثمّ فرضت الصلوات الخمس بعد إسرائه ، وذلك في السنة التاسعة من نبوّته (١).
وروي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن ابي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بينا أنا نائم بالأبطح ، جعفر عن يميني وعلي عن يساري وحمزة بين يدي إذا أنا بحفيف أجنحة الملائكة وقائل يقول : الى أيّهم بعثت ، فأشار إليّ وقال : الى هذا وهو سيّد ولد آدم ، وهذا عمّه سيّد الشهداء ، وهذا ابن عمّه جعفر له جناحان يطير بهما في الجنّة مع الملائكة وحيث يشاء ، وهذا أخوه ووزيره وخليفته في امّته عليّ ، دعه فلتنم عيناه وتسمع اذناه ويعي قلبه وأضربوا له مثلا : ملك بنى دارا واتّخذ مأدبة وبعث داعيا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الله : الملك ، والدار : الدنيا ، والمأدبة : الجنّة ، والداعي : أنا.
وفي رواية عبد الله بن عبدان بن محمّد بن عبدان في الجزء الأوّل من كتاب المعجزات عن أنس بن مالك أنّه جاء الى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة اسري به من مسجد الكعبة ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام ، فقال أوّلهم : أيّهم هو؟ فقال : أوسطهم هو خيرهم ، فقال أحدهم : خذوا خيرهم. فكانت تلك ، فلم يرهم حتى جاءوا ليلة اخرى والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه ـ وكذلك الأنبياء عليهمالسلام تنام عيونهم ولا تنام قلوبهم ـ فلم يكلّموه حتى احتملوه فوضعوه عند زمزم.
وقيل : اسري به بعد النبوّة بسنتين ، وقالوا : بسنة وستّة أشهر بعد رجوعه من الطائف (٢).
* * *
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٤٢ ـ ٤٣.
(٢) كتاب المعجزات : غير موجود.