وأما قوله : ( إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ ) فأوضح دليل على جهله وبهتانه لأن ما أورده من الآيات في هذا المقام فمع أخصيته من المدّعى لا دلالة في شيء منه على نفي العصمة مطلقا ، فكيف يكون دليلا على نفيها عن الأئمة عليهمالسلام ولو سلّمنا جدلا دلالته على عدم عصمة طالوت فأيّ ربط يا ترى بين عدم عصمته وبين عصمة الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام ألا ترى أن الآية لا تدل على وجود هذه الصفات في آخرين غيره ، وعدم عصمة طالوت لو سلّمناه لا يدل على انتفاء العصمة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ودعواه أن طالوت كان واجب الطّاعة بالوحي مناقضة لدعواه عدم عصمته ، لأن من تجب طاعته بالوحي لا يكون إلاّ نبيّا والنبيّ عليهالسلام لا يكون إلاّ معصوما على ما اعترف به هذا المتناقض بقوله : ( العصمة بمعنى امتناع صدور الذنب كما في الأنبياء عليهمالسلام ).
فالآلوسي أما أن يقول بعصمة طالوت لوجوب إطاعته بالوحي أو يقول بعدم عصمته ، فإن قال بالأول ـ وهو قوله ـ بطل قوله الثاني الّذي ادّعى الإجماع عليه ، وإن قال ـ بالثاني وهو قوله ـ بطل قوله الأول ، ولو سلّمنا جدلا أن طالوت لم يكن نبيّا يوحى إليه ولكن وجوب طاعته على الإطلاق بتنصيص نبيّ آخر عليه موجب لعصمته ، وإلاّ لم تجب طاعته مطلقا ، ولما وجبت طاعته مطلقا علمنا أنه معصوم وحسبك هذا التناقض دليلا على فساد قوليه.
وإذا راعك منه هذا التناقض فإليك ما أدلى به فيما مرّ من قوله : ( أن أهل البيت عليهمالسلام مصيبون في أفعالهم ) فإذا كانوا مصيبين في أفعالهم كانوا معصومين إذ ليس المعصوم إلاّ من كان مصيبا في أفعاله مطلقا ، وتلك قضية الظاهر المستفاد من إطلاق كلامه ، ولكن سرعان ما نقض قوله هنا فزعم عدم عصمتهم ، ولتكن على يقين أن الآلوسي لمّا لم يجد دليلا من الكتاب والسنّة على نفي العصمة عن أهل البيت عليهمالسلام وعلم قطعا أنهم عليهمالسلام معصومون بنصّ الكتاب والسنّة كما مرّ عليك بيانه مفصلا ، ولم يستطع أن يعتق رقبته من رق التقليد لتأثره بالعاطفة وانقياده إلى العصبية البغيضة عمد إلى التمويه والمغالطة فأورد بعض الآيات فنصبها أدلة في غير محلّها كما هو الظاهر لمن نظر إليها وعرف وجه دلالتها ، وما