هذه بدلها وكانت وديعة فإنه يقبل للمطابقة ، أي بين دعواه وتفسيره ، فيكون المراد من قوله : « وديعة » في المتن أي كانت وديعة ولكن تلفت تلف ضمان ، فصار بدلها في الذمة فدفعه بدلا عنها ، وبذلك تطابق تفسيره ودعواه ، ولعله لذا لم يحك الخلاف فيها عن ابن إدريس ، نعم توقف فيها الفاضل كالأولى ».
ولكن في المسالك « إن لم يقبل في الصورة الأولى فهنا أولى ، وإن قبلنا قوله فوجهان هنا : أحدهما ـ وهو الذي قطع به المصنف ـ القبول ، لجواز أن يريد به ألف في ذمتي إن تلفت الوديعة ، لأني قد تعديت فيها ، أو يريد كونها وديعة في الأصل ، وأنها تلفت ووجب بدلها في الذمة ، وغايته إرادة المجاز ، وهو كون الشيء في الذمة وديعة باعتبار أن سببها كان في الذمة ، والمجاز يصار إليه بالقرينة ، والثاني العدم ، لأن العين لا تثبت في الذمة ، والأصل في الكلام الحقيقة وقد تقدم كثير من الدعاوي المجازية في الإقرار ولم يلتفت إليها ، فلا وجه لتخصيص هذه ، وهذا لا يخلو من قوة ».
وفيه أنه لا وجه للقبول مع فرض المجازية وانفصال القرينة ، كما أنه لا ينبغي التردد فيه مع فرض التفسير بأنه وديعة قد تلفت وهذه بدلها ، كما فرضها في المسالك ، ولأنه يؤول إلى ما ذكرناه من التفسير من دون تجوز ، نعم لو اعترف بأنها وديعة باقية أمكن فيه حينئذ الكلام السابق الذي منشأ عدم القبول فيه انسياق ثبوت المال في الذمة ، بل قد يزيد هنا احتمال عدم القبول بظهور اللفظ ظهورا إن لم يكن حقيقة ، في إرادة ثبوت عين المال في الذمة ، فهو كالحقيقة بحيث لا يقبل التفسير بالخلاف ، كما أن منشأ القبول ودعوى المساواة للأول في الصدق مع الدخول في العهدة مثلا. فالتحقيق حينئذ تفصيل فرض المسألة بما ذكرناه ، ولعل عدم القبول في الثاني لا يخلو من قوة ، كما سيظهر لك في المسألة الثالثة.
وفي جامع المقاصد « أن القبول أرجح ، لأن غايته إرادة المجاز ، وهو كون الشيء في الذمة وديعة باعتبار أن سببها كذلك ، والمجاز يصار إليه بالقرينة » وفيه ما لا يخفى بعد الإحاطة بما ذكرنا.