( أما لو قال : « لك في ذمتي ألف وهذه التي أقررت بها كانت وديعة » لم يقبل ) كما في القواعد والإرشاد والتلخيص والحواشي والمسالك على ما حكي عن بعضها ، وعن المبسوط أنه قواه ، وفي جامع المقاصد أنه أولى ، ولعله ( ل ) ما اشتهر بينهم من تعليل ذلك بـ ( أن ما في الذمة لا يكون وديعة. )
( و ) منه يعلم أن هذه ( ليست ك ) المسألة ( الأولى ولا كالوسطى ) بل في المسالك « الفرق بينهما واضح ، أما الأولى فلأنه لم يصرح فيها بكون المقر به في الذمة فلا ينافي كونه وديعة ابتداء. وأما الثانية فإنه وإن صرح بكونها في الذمة المنافي لكونها وديعة إلا أنه ادعى أن الذي أحضره بدلها لا عينها ، فرفع التنافي بتأويله. وأما الثالثة فقد جمع فيها بين وصفها بكونها في الذمة وكونها وديعة من غير تأويل ، فلهذا لم يسمع المجاز وإن كان ممكنا هنا ، بأن تكون قد تلفت بعد الإقرار والذي أحضره بدلها وأطلق عليه الوديعة باعتبار كونه عوضا ومسببا عنها ، إلا أنه لما لم يدع المجاز لم يكن عن الحقيقة صارف ، ولو صرف عنها بمجرد تمحل المجاز من غير أن يدعي لم يحكم بشيء من الحقائق أصلا ، فما قيل هنا ـ من توجيه القبول أيضا كالسابقة في احتمال المجاز ـ واه جدا كما لا يخفى ».
وكأنه عرض بذلك إلى الشهيد في الدروس ، لأنه قال : « ولو قال : لك في ذمتي ألف ثم أحضرها وقال : هي وديعة فادعى المقر له التغاير ففيه وجهان مرتبان ، أولى بالمنع ، لأن « علي » مشتركة بين العين والذمة ، بخلاف الذمة فإنها لا تستعمل في العين ، والوجه المساواة ، لأن تسليمها واجب في الذمة ، ولأن المجاز ممكن ، واستعماله مشهور مع اعتضاده بالأصل المقطوع به ، وهو براءة الذمة ، ولأن التفريط يجعلها في الذمة وإن كانت عينها باقية ».
وفي جامع المقاصد « لا يخفى أنه إن كان المشار إليه بقوله وهذه هو الألف الذي قال إنه في الذمة لم يلزمه سوى ما أقر به إذا لم يفسر بشيء آخر ، ولو سلمنا أن ما في الذمة ينافي التفسير بالوديعة على كل حال فغاية ما يلزمه أن يكون