ولكن في المسالك « لو قيل بقبول قوله أيضا كما في السابقة كان وجها ، بل هنا أولى ، لأن قوله كان مبنيا على الظاهر من أنها موجودة يجب عليه حفظها وكونها عنده كما سبق ، وإنما ظهر بعد الإقرار تلفها قبله ، فلا منافاة بين كلاميه إلا على تقدير تفسير « على » بكونها في الذمة ، ولعل إطلاقهم ذلك بناء على أن الظاهر من « على » هو هذا المعنى لا مجرد وجوب الحفظ ، وذلك المعنى لو سلم كونه مجازا فقد سمع منه دعوى المجاز فيما سبق ».
وفيه أن دعواه التلف قبل الإقرار مناف لقوله : « على » بجميع معانيه الحقيقية والمجازية ، ضرورة أنها مع تلفها بغير تفريط ليس عليه حفظها ولا التخلية بينها وبين مالكها فضلا عن دخولها في عهدته ، وكون إقراره مبنيا على الظاهر لا ينافي الأخذ منه تعبدا من هذه الجهة ، كما هو واضح.
إنما الكلام في قوله كمحكى المبسوط والغنية وغيرهما ( أما لو ادعى تلفها بعد الإقرار قبل ) معللين له بعدم التنافي بين إقراره الأول والتلف بعده ، وظاهره القبول بغير بينة ، ووجهه أن قوله : « علي » مشترك بين الالتزام بها وغيره ، والدعوى الاولى غير منافية له ، ولكن في القواعد « قبل بالبينة » ومقتضاه عدم السماع بدونها ، كما أن مقتضاه عدم السماع في السابق حتى مع البينة ، ووجه الثاني قد عرفته مما قدمناه ، أما الأول فلعل وجهه أن ظاهر قوله الأول الالتزام بها إما لتلفها مضمونة أو لدخولها في عهدته ، فقوله الأخير مناف ، فلا يسمع منه إلا بالبينة.
وفيه أن البينة على تلفها بعد الإقرار لا يرفع ضمانه المستفاد من إقراره الأول ، اللهم إلا أن يكون قوله : « علي » أعم من الالتزام ومن وجوب الحفظ والتخلية ونحوهما من الحقوق التي لا يقتضي الثبوت في الذمة.
ولكن فيه أنه إذا فرض سماع ذلك منه كفى مجرد دعواه التلف بعد الإقرار بيمينه ، ولعله لذا في الدروس بعد أن جعل العنوان « لك في ذمتي » قال : « ولو قال : كانت وديعة أظن بقاءها وقد تبين لي تلفها لا بتفريط فلا ضمان علي فان عللنا