المجاز فلا إشكال في صحته من هذا الوجه ، ورجع إليه أيضا في بيان قيمة الثوب ، لكن هل يعتبر فيها عدم استغراق الألف؟ ظاهر كلام المصنف وكثير ذلك ، لأنهم بنوه على القول بصحة الاستثناء الشامل للحقيقة والمجاز ، بل هو في الثاني أظهر ، لأنه القول الأشهر ، ويشكل بأن الاستثناء المنقطع لا يقتضي الإخراج ، و « إلا » فيه بمعنى « لكن » كما صرحوا به في فنه فلا مانع حينئذ من استغراقه ، ويكون بمنزلة جملتين : إحداهما إقرار والأخرى إثبات أمر آخر ، ولا إشكال في عدم ثبوت الزائد منه غير المستثنى منه ، لأن الزائد محض دعوى ، وإنما الكلام في المساوي ، لكنه مع ذلك يشكل باستلزامه مع الاستغراق إلغاء الإقرار بل قد ذكر بعض الأصوليين والفقهاء أن الاستثناء في المثال المذكور متصل ، وأن المراد منه قيمة الثوب ، فكأنه استثنى من الألف درهم دراهم بقدر القيمة ، فاعتبر فيه عدم الاستغراق كالمتصل ، وهذا متجه ».
قلت : هو مع أنه أمر آخر غير ما ذكرناه يأتي عليه ما قلنا من الاشكال ، بل فيه أوضح ، لاعترافه بعدم اقتضاء الانقطاع الإخراج ، وأن « إلا » فيه بمعنى « لكن » فلا تفاوت بين المستوعب وغيره في عدم تعلقه بالمقر به ، كما عرفت. ولا مخلص عن هذا الإشكال إلا بفرض كلامهم في منقطع علم إرادة سقوط عينه من المقر به ولو بأن يكون له عليه ألف درهم مثلا ، فدفع وفاء ثوبا ولم يحاسبه عليه ، فأراد الإقرار به كذلك ، ولا يلزم من ذلك كونه متصلا ، ضرورة أنه لم يقدر القيمة على وجه الإضمار حتى يكون كذلك ، بل استدرك الوفاء بالثوب عنها ، وهو غير داخل ، فأراد إخراج غير الجنس من جنس آخر ، وإخراجه منه ليس إلا على معنى تنقيصه منه ، ضرورة عدم دخوله فيه حتى يخرج منه ، وليس مرادهم أن ذلك من لوازم المنقطع ، بل فرض كلامهم في منقطع هو كذلك.
بل قد يدعى أن المنساق من نحو هذا الفرد من المنقطع ذلك ، كانسياق إرادة النقصان من نحو قوله : « له علي عشرة دنانير إلا خمسة دراهم » مثلا أو « مائة درهم إلا دينارا » وليس هذا لتنقيص من المستثنى منه إخراجا كي ينافي الانقطاع ،