كارها لشيء واحد وهو محال.
وأفعال عباده سبحانه على ضربين واقع عن إلجاء وإيثار.
وما وقع بإلجائه تعالى لا بد من كونه مريدا له لأنه بإلجائه في حكم فعله ولا بد من وقوع ما هذه حاله لكونه جاريا مجرى فعله الذي لا بد من وقوعه متى أراده فلا يجوز إلجاؤه إلى قبيح لأن ذلك مقتض لكونه فاعلا له وقد بينا فساد ذلك.
وما وقع بإلجاء غيره تعالى حكمه حكم ما اختاره العبد الملجأ من حسن وقبح وسنبينه.
وعلى كلا الوجهين لا بد من كون الملجأ مريدا لما ألجئ إليه إذ معنى كونه ملجأ توفر دواعيه لخوف الضرر أو لرجاء النفع وخلوص الدواعي إلى الفعل يقتضي كون القادر مريدا.
والواقع عن إيثار على ضروب واجب وندب وقبيح ومباح.
فالواجب والندب مرادان له تعالى بغير شبهة لأنه قد أمر بهما ورغب فيهما والأمر لا يكون أمرا إلا بالإرادة لعلمنا بوجود جنسه وصيغته وليس بأمر ولتجدد إرادته تعالى لذلك حال الأمر به وتعلقها بالمراد المكلف فعله على جهة الإيثار له المصحح لغرض المجري بالتكليف إليه لافتقار ما يجب فعله أو تركه أو الترغيب فيه في كونه كذلك إلى تعلق إرادته سبحانه على وقوعه على هذا الوجه.
ولا يجوز أن يكره شيئا مما أراده من أفعال عباده الواجبة والمندوبة لأن كراهيته يقتضي قبح المكروه وقد علمنا حسن هذه الأفعال عبادة الواجبة (١) تعالى مريد لها على ما دللنا عليه فلا يجوز أن يكون كارها لها لأن ذلك يقتضي
__________________
(١) كذا في النسخة.