من القبيح عندها يسير من كثير ولولاها لوقع أضعافه بقضية العادة.
ولا فرق في وجوب الاستصلاح بما يرفع القبح جملة أو بعضه أو يبعد منه أو يؤثر وقوع كل واجب واحد أو يقرب إليه.
ولا يقدح في ذلك إيثار بعض العقلاء لرئيس دون رئيس واعتقاد الصلاح لفقد الرؤساء.
لأنا لم نستدل بفعلهم وإنما استدللنا بقضية العادة الجارية بعموم الصلاح بالرؤساء والفساد بفقدهم فحكمنا بوجوب ما له هذه الصفة في حكمته سبحانه وقبح الإخلال به مع ثبوت التكليف وليس في الدنيا عاقل عرف العادات ينازع فيما قضينا به من الفرق بين وجود الرؤساء المهيبين وعدمهم بل حال ضعفهم.
وفعل العقلاء أو بعضهم بخلاف ما يعلمونه لا يقدح في علمهم كما لا يقدح إيثارهم للقبائح وإخلالهم بالواجبات الضرورية في وجوب هذه وقبح تلك.
على أن دعواهم اعتقاد بعض العقلاء حصول الصلاح للخلق بعدم الرؤساء كاعتقاد بعضهم عدم (١) الصلاح بوجودهم.
كذب على أنفسهم يشهد الوجود به لعلمنا بأنه ليس في الدنيا عاقل سليم الرأي من الهوى يؤثر عدم الرؤساء جملة ويعتقد عموم الصلاح به والفساد بوجودهم فالمعلوم من ذلك هو اعتقاد بعض العقلاء حصول الفساد برئاسة ما يختصه ضررها بحسد أو طمع أو خوف ضرر إلى غير ذلك دون نفي الرئاسة جملة. كأهل الذعارة والمفسدين في الأرض الذين لا يتم لهم بلوغ ما يؤثرونه من أخذ الأموال والفساد في الأرض إلا بفقد الرؤساء المرهوبين فلذلك آثروا فقدهم واعتقدوا حصول الصلاح لهم بعدمهم ولا شبهة في قبح هذا الاعتقاد
__________________
(١) في النسخة : « عموم ».