والإيثار.
وهم مع ذلك غير منكرين لحصول الصلاح بجنس الرئاسة ولهذا لا توجد فرقة منهم بغير رئيس مقدم يرجعون إلى سياسته كالخوارج وغيرهم من فرق الضلال الذاهبين إلى قبح كل رئاسة يخالف ما هم عليه من النحلة كاعتقاد الكفار والمنافقين ذلك في رئاسة الأنبياء والأئمة عليهم السلام.
وإنما كرهوا رئاستهم واعتقدوا حصول الفساد بها والصلاح بعدمها لاعتقادهم حصول المفسدة (١) بها لكونها قبيحة ولم ينكر أحد منهم وجوب الرئاسة جملة ولهذا لم نر فرقة منهم إلا ولها رئيس مطاع.
وكمعتقدي حصول صلاحهم برئاسة ما وعدمه بوجود أخرى فهم يكرهون هذه ويؤثرون تلك كراهية (٢) قريش ومن وافقها في الرأي رئاسة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لاعتقادهم فوت الأماني بنبوتها (٣) ، وإيثارهم رئاسة غيره لظنهم بلوغ الأغراض الدنيوية بها فهؤلاء أيضا لم ينكروا عموم الصلاح بالرئاسة في الجملة وإنما كرهوا رئاسته لصارف عنها وآثروا أخرى لداع إليها.
وكمن حسد بعض الرؤساء وشنأه من العقلاء إنما يكره رئاسته حسدا وبغضا ولا يكره رئاسة من لا شنآن بينه وبينه كقريش ومن وافقها على حسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبغضه في الفضل على جميعهم وتقدمه في الإسلام على سائرهم وعظيم نكايته فيهم إنما كرهوا رئاسته لذلك ولم يكرهوا رئاسة من لا داعي لهم إلى حسده وعداوته.
وكمن يرى الرئاسة لأنفسهم ويرشحهم لها إنما يكرهون كل رئاسة
__________________
(١) في النسخة : « المسدة ».
(٢) في النسخة : « الاكراهية ».
(٣) في النسخة : « بنبوتها ».