مناكسة لهم ويعتقدون حصول الفساد بها فيما يخصهم لأن مقصودهم لا يتم إلا بذلك ككراهة المستخلفين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن تبعهم من خلفاء بني أمية وبني العباس رئاسة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وذريته عليهم السلام لاعتقادهم حصول الفساد بها فيما يخصهم لأن مقصودهم من رئاسة الأنام لا يتم إلا بذلك.
ولم ينكر أحد منهم الرئاسة وكيف ينكرونها مع حصول العلم بمثابرتهم عليها ومنافستهم فيها واستحلالهم بعد استقرارها لهم ذم القادح فيها ومظاهرتهم بأن نظام الخلق وصلاح أمرهم لا يتم إلا بطاعتهم والانقياد لهم واستصلاحهم رعاياهم بالرؤساء واجتهادهم في تخير ذوي البصائر لسياسة البلاد ومن فيها بالتأمير على أهلها وكراهية رعية الظلمة من الرؤساء المسرفين في الفساد لرئاستهم لما فيها من الضرر دينا ودنيا واعتقادهم الصلاح بفقدها لذلك.
ولا يكره أحد من هؤلاء رئاسة ذوي العقل والإنصاف ولا يعتقد حصول الفساد بها بل يتمناها لعلمه بما فيها من الصلاح.
وعلى هذا يجري القول في كل طائفة من العقلاء كرهوا رئاسة رئيس إنما يكرهونها لأمر يخصهم نفعه وضرره فليتأمل يوجد ظاهرا وشبهة الخصم به مضمحلة ومن المقصود في إيجاب الرئاسة العامة أجنبية والمنة لله.
ولا يقدح في الاستصلاح بالرئيس ووجوب وجوده لذلك عقلا قولنا إن العقاب لا يستحقه بعضنا على بعض.
لأن المقصود يصح من دون ذلك من حيث كان علم المكلف أو ظنه بأنه متى رام القبيح منعه منه الرئيس بالقهر صارفا له عنه بل ملجئا في كثير من المواضع ولأن العقاب وإن لم يستحقه بعضنا على بعض فالمدافعة حسنة بكل ما يغلب في الظن ارتفاع القبح به وإن تلفت معه نفس الدافع.