فإذا كان هذا ثابتا عقلا وعلم المكلف بكون الرئيس القوي منصوبا لمدافعة مريدي الظلم عن المظلوم صرفه ذلك عن إيثاره.
على أنا وإن منعنا من كون العقاب مستحقا بعضنا (١) ونفينا استحقاق القديم له قطعا فإنا نجيز استحقاقه منه سبحانه على القبح عقلا ويقطع به حسا (٢) ، وتجويز المكلف كون الرئيس الملطوف له به منصوصا له عقاب العاصي كاف في الزجر.
ولا يقدح فيما ذكرناه القول بأن الصلاح الحاصل بالرؤساء دنيوي فلا يجب له نصبهم.
لأنا قد بينا تخصصه بالدين وإن اقترن به الدنيوي على أن وجودهم إذا أثر صلاح الدنيا كالأمن فيها والتصرف في ضروب المعايش بمنع الرؤساء المفسدين وصرف من يتوهم منه الفساد عنه بالرهبة وارتفاع هذا الصلاح الدنيوي بعدمهم يقهر الظالمين وأخافهم ذوي السلامة عاد الأمر إلى الصلاح الديني (٣) بوجودهم المؤثر لوقوع الحسن وارتفاع القبح وفساد الدين بعدمهم ولم ينفصل من الصلاح الدنيوي بغير إشكال.
ولا يقدح في ذلك دعوى الإلجاء لخوف الرئيس إلى فعل الواجب وترك القبح على ما اعتمده المتأخرون من مخالفينا لأن ذلك يسقط ما لا يزالون يمنعون منه من تأثير الرئاسة في وقوع الواجب وارتفاع القبح من حيث كان الشيء لا يكون ملجئا إلا بعد كونه غاية في التأثير فكيف يجتمع القول بذلك مع نفي التأثير جملة لذي عقل سليم.
وبعد فالملجئ إلى الفعل والترك هو ما لا يبقى معه صارف عن الفعل ولا
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) في النسخة : « سحا ».
(٣) في النسخة : « الدين ».