داع إلى الترك فتجب إذ ذاك وقوع هذا وارتفاع ذاك والرئاسة بخلاف ذلك لعلمنا ضرورة بتردد الدواعي إلى الواجب والقبيح والصوارف عنهما ووقوع كثير من القبيح وارتفاع كثير من الواجب عند وجود الرؤساء المهيبين واستحقاق فاعل القبح والمخل بالواجب الذم والاستخفاف واستحقاق مجتنب هذا وفاعل ذلك المدح وكل هذا ينافي الإلجاء بغير شبهة.
ولا يمنع من عموم اللطف بالرئاسة تقدير وجود واحد منفرد لا يتقدر منه ظلم أحد لأن من هذه صفته إذا كان الظلم مأمونا (١) منه صح منه العزم على فعله متى تمكن منه لأن العزم على القبح لا يفتقر إلى التمكن منه في الحال لصحة عزم كل من جاز منه القبح على ما يقع بعد أحوال متراخية على العزم.
وإذا صح هذا فعلم هذا المفرد أن من ورائه رئيس متى رام الظلم منعه منه بالقهر أو أنزل به ضررا مستحقا أو مدافعا به صرفه ذلك عن العزم عليه كما يصرف ظن كل عاقل عن العزم على قتل السلطان أنه متى رام ذلك منع منه ولا فرق والحال هذه بين كون الرئاسة لطفا في أفعال القلوب أو الجوارح.
وهذا التحرير يقتضي كون الرئاسة لطفا في الجميع لأن الصارف عن أفعال الجوارح صارف عن العزم عليها كما أن الداعي إليها داع إلى العزم والعزم على الشيء جزء منه أو كالجزء في الحسن والقبح.
ولا قدح بعموم المعرفة للأزمان والتكاليف والمكلفين في اللطف وخصوص الغنى والفقر في تميز الرئاسة منهما فيما له كانت لطفا لأن قياس الألطاف بعضها على بعض لا يجوز لوقوف كونها ألطافا على ما يعلمه سبحانه وإثبات أعيانها وأحكامها بالأدلة.
فعموم المعرفة لعموم مقتضيها وأحكامها بالأدلة وخصوص الغنى والفقر
__________________
(١) في النسخة : « موهوما ».