ومتى تكاملت هذه الشروط كان نسخا والمرفوع منسوخا والرافع ناسخا.
وتأمل كل ناسخ ومنسوخ في شرعنا يوضح عن تكامل هذه الشروط فيه.
وامتناعهم من النظر في دعوتنا وتحرزهم من تخويفنا بدعواهم أن موسى عليه السلام أمرهم بإمساك السبت أبدا وتكذيب من نسخه إخلال بواجب التحرز واعتصام بغير حجة لأنه لا طريق لهم إلى العلم بصحة هذا الخبر بل لا طريق لهم إلى إثباته واحدا وإنما يخبرون عن اعتقادات متوارثة عن تقليد لافتقار ثبوت النقل المتواتر وما ورد من طريق الآحاد إلى العلم بأعيان الأزمنة وتعيين الناقلين في كل زمان لأن الجهل بالزمان يقتضي الجهل بمن فيه وتعذر العلم به وفقد العلم بثبوت الناقلين فيه يمنع من العلم بالتواتر والآحاد بغير إشكال.
وهذان الأمران متعذران على اليهود لأنه لا يمكن لأحد منهم دعوى حصول النص بأعيان الأزمنة متصلة بوجود اليهود فيها إلى زمن موسى وإن ادعاه طولب بالحجة ولن يجدها بضرورة ولا دلالة والأزمان المعلوم وجود اليهود فيها لا سبيل لهم إلى إثبات ناقلين من جملتهم آحاد فضلا عن متواترين.
وإذا تعذر الأمران لم يبق لاعتقادهم صحة هذا الأخبار إلا التقليد الذي لا يؤمن مخوفا ولا يقتضي تحرزا.
ولأن وجوب التحرز من تخويفنا ضروري والعلم بما تخوف منه ممكن لكل ناظر في الأدلة وما يدعى على موسى إذا لم يكن إثباته على ما أوضحناه قبح التكليف معه وهو سبحانه لا يكلف على وجه يقبح فيجب لذلك القطع على سقوط تكليف شرعهم وفرض التمسك به بخبر غير ثابت بعلم ولا ظن مع الخوف العظيم من المتمسك به.
على أن الخبر المذكور من جنس الأقوال المحتملة للاشتراط