من الاختيار ، للوجه الّذي ذكرناه ، ومتى يفعل ذلك يعلم ثبوت إمامته عليهالسلام بالعقل والسمع ، فيعلم به فساد إمامة المتقدمين عليه.
وليس لأحد أن يقول : دعوى ثبوت النصّ على الاختيار وصفته والمختارين وصفتهم تمنع من النظر في دعوى النصّ على الإمامة.
لأنّ مدّعي ذلك لا يستند (١) إلى كتاب ولا سنّة معلومة ، وإنّما يعوّل (٢) على أخبار آحاد ، أو فعل الصحابة يوم السقيفة ، ويزعم أنّ ذلك كاشف عن النص على الاختيار وصفته ، وخبر الواحد لا يوجب العلم ولا يصح به العمل ، ومجيز العمل به لا يجيزه في مسألتنا هذه ، لعموم بلواها ، وفعل الصحابة لا حكم له ، ولا داعي الى النظر فيه مع دعوى برهان العقل ، وثبوت النص من الكتاب والسنّة المجمع عليهما على إمامة علي عليهالسلام بغير شبهة عند متأمّل.
ولأن الأمّة في الآيات اللاّتي ذكرناها والأخبار المعلومة رجلان : قائل إنّها لا تحتمل النص ، وهم القائلون بإمامة القوم على اختلافهم ، وقائل إنّها دلالة على النص ، وهم الشيعة بأسرهم ، وكلّ من قال ذلك قطع على فساد إمامتهم.
فعلى هذا يجب على كلّ مكلّف أن ينظر في مقتضى هذه الآيات والأخبار المعلومة ، ليعلم هل يدلّ على النص كما تزعم الشيعة ، أو لا يحتمله كما يزعم مخالفوهم ، من حيث كان تقدير كونها دالة على الإمامة يمنع من النظر في فعل الصحابة ، لحصول الخوف المتقدّم للنظر فيها على النظر في أدلّتنا وارتكاب الخطر المرتفعين مع تقديم النظر فيها على فعل الصحابة ، الّذي لا يتقدر فيه ضرر (٣) ، لما يأمن كونها محتملة للنصّ ، ومتى فعل الواجب عليه من تقديم النظر المتكامل الشروط علم دلالتها على النصّ المرتفع به احتمال فعل الصحابة ، للدلالة على إمامة القوم ، فقطع لذلك على فسادها.
__________________
(١) في النسخة : « لا يستنده ».
(٢) في النسخة : « يقول ».
(٣) في النسخة : « ضرور ».