فإمّا أن يعقد كلّ لمن يغلب ظنّه بصلاحه للإمامة ، أو لا يعقد حتى يتفقوا ، واتفاقهم محال على ما بيّناه وفرضنا من ورائه (١) ، من حيث كانت غلبة ظنّ كلّ فريق من العلماء بأنّه لا يصلح للإمامة إلاّ من يليهم أو يلي غيرهم دون ما عداه ، يمنع من رجوعه إلى غيره من العلماء بغير (٢) خلاف بين المجتهدين.
وعقد كلّ فريق لمن غلب ظنّه بصلاحه للإمامة فاسد من وجوه :
أحدها : أنّ فيه إثبات عدّة أئمة في وقت واحد ، والاجماع بخلاف ذلك.
ومنها : أنه يؤدّي على استحلال بعضهم قتال بعض ، لظنّه به خروجه ممّا وجب عليه الدخول فيه من طاعة إمامه ، كما قالوا مثل ذلك في إمامة أبي بكر وعمر وعثمان المعقودة ببعض الأمة ، وهذا ظاهر الفساد ، ولما فيه من إراقة الدماء ، وخراب الديار ، والانقطاع عن جميع المصالح الدينيّة والدنيوية ، فبطل القول بالاختيار ، لما يؤدّي إليه من الفساد.
ولا يجوز أن يكون النصّ طريقا إلى إمامتهم ، لقصوره على دعوى الشذوذ ، وتعذر معرفة الدائن به منذ أزمان ، وفساد وقوف الحقّ في ملّتنا على فرقة لا تعرف في أكثر الأزمان ، ولاستناد دعوى مبنيّة على (٣) خبر واحد لا يجوز إثبات الإمامة به باتفاق ، ولو ثبت لم يدل ، كخبر الأحجار والصلاة :
من حيث كان وضع النبي صلىاللهعليهوآله مسجد قبا ـ على ما رووه ـ على حجر وقوله (٤) : أبو بكر ، وثانيا وقوله : عمر ، وثالثا وقوله : عثمان ، ورابعا وقوله علي عليهالسلام ، لا يفيد بظاهره الإمامة ولا دليله ، لأنّه لو كان فيه حجّة لاحتج به القوم يوم السقيفة ، ولاحتج به أبو بكر في خلافة عمر ، ولاستغنى به عمر عن الشورى ، ولاحتجّ به عثمان يوم الدار ، وذلك يدل على أنه مفتعل أو لا حجّة فيه.
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) في النسخة : « بعين ».
(٣) في النسخة : « إلى ».
(٤) في النسخة : « أو قوله ».