يحيل تعلق إيجاد حي قادر عليه به كتعذر ذلك على كل قادر في الشاهد لكونه قادرا بقدرة وكونه قادرا لنفسه يقتضي مشاركة فاعل هذه الأجناس له في القدم لمشاركته له في صفة النفس.
فصح الاستدلال بهذه الأجناس على جملة المعارف من دون العلم بحدوث الأجسام.
ودل ذلك على حدوث الأجناس على الوجه الذي بيناه بضد ما ظنته المعتزلة من تعذر الاستدلال على حدوثها بغير الأكوان وإثبات محدث من دون حدوث الأجسام المنافي لما تضمنه القرآن من الاستدلال بتجدد صفات الأجسام التي ذكرناها على إثباته تعالى وما يجب كونه عليه سبحانه ويجوز ويستحيل.
كقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١). وأمثال هذه الآيات.
وقد علمنا أن الاستدلال منها بتجدد الجواهر لا يمكن لصحة تنقلها في الجهات وتجويز كل ناظر لذلك يمنع من القطع على وجودها في الحال بعد عدم.
ولأنه سبحانه كرر الاستدلال بصفة متجددة للجواهر بعد صفة ولو كان
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٥ ـ ٦.