الصغيرة الدافئة.
وكانت المدفأة العتيقة تبعث ضوءً خافتاً ، وتنشر فيما حوله دفئاً .. أسرج قنديلاً صغيراً وجلس في فراشه ... وقعت عيناه على بعض الكتب القديمة .. فيها كتب الادعية وبعض كتب التاريخ .. ويظهر في مكان مستقل من الرف المصحف الشريف ملفوف بمنديل أخضر.
وكان من عادته وقد ختم القرآن عدّة مرّات أنه اذا أراد التلاوة أن يغمض عينيه ويهمس خاشعاً بالصلاة على محمد وآله ثم يفتح المصحف الشريف ويقرأ الصفحتين.
استفتح محمد كعادته في ليالي الشتاء .. فظهرت له سورة « فصّلت » ، وكانت أول آية في أعلى اليمين من الصفحة تحمل رقم ٣٩ راح محمد يرتّل بصوت شجي الآيات متأمّلاً ترجمتها باللغة الفارسية .. لأنه كان يحرص على تدبّر ما يقرأ :
« ومن آياته انك ترى الارض خاشعة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزّت وربت ، ان الذي حياها لمحيي الموتى انه على كل شيء قدير » ...
الرياح لا تزال تزمجر وهي تجوس خلال أزّقة قم الملتوية الضيقة ، وكان صوت الريح يمتزج مع صوت محمدٍ وهو يرتلّ القرآن ترتيلا :
« ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصّلت آياته