أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ .. والذي هو أقرب إلى المأمون من حبل الوريد ، لولا أن يقول قائل : إن المأمون ترك الجواب عجزاً لما أجبتكم ؛ من سوء أخلاقكم ، وقلة أخطاركم ، وركاكة عقولكم ، ومن سخافة ما تأوون إليه من آرائكم ؛ فليستمع مستمع ، فليبلغ شاهد غائباً ..
أما بعد :
فإن الله تعالى بعث محمداً على فترة من الرسل ، وقريش في أنفسها ، وأموالها ، لا يرون أحداً يساميهم ، ولا يباريهم ، فكان نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم أميناً من أوسطهم بيتاً ، وأقلهم مالاً ؛ فكان أول من آمن به خديجة بنت خويلد ؛ فواسته بمالها. ثم آمن به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ؛ سبع سنين ، لم يشرك بالله شيئاً طرفة عين ، ولم يعبد وثناً ، ولم يأكل رباً ، ولم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم ، وكانت عمومة رسول الله إما مسلم مهين ، أو كافر معاند ، الا حمزة ؛ فإنه لم يمتنع من الاسلام ، ولا يمتنع الاسلام منه ، فمضى لسبيله على بيّنةٍ من ربه ..
وأما أبو طالب : فإنه كفله ورباه ، ولم يزل مدافعاً عنه ، ومانعاً منه ؛ فلما قبض الله أبا طالب ، فهمَّ القوم ، وأجمعوا عليه ليقتلوه ؛ فهاجر إلى القوم الذين تبوّؤا الدار والإيمان من قبلهم ، يحبون من هاجر إليهم ، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ، ويؤثرون على أنفسهم ، ولو كان بهم خصاصة ، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ..
فلم يقع مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحد من المهاجرين كقيام علي بن