لها في نفسه ، واختيار مني له ، فما كان ذلك مني الا أن أكون الحاقن لدمائكم ، والذائد عنكم ، باستدامة المودة بيننا وبينهم. وهي الطريق اسلكها في إكرام آل أبي طالب ، ومواساتهم في الفيء بيسير ما يصيبهم منه ١.
وإن تزعموا : أني أردت أن يؤول إليهم عاقبة ومنفعة ، فإني في تدبيركم ، والنظر لكم ولعقبكم ، وابناكم من بعدكم .. وأنتم ساهون ، لاهون ، تائهون ، في غمرةٍ تعمهون ، لا تعلمون ما يراد بكم ، وما أظللتم عليه من النقمة ، وابتزاز النعمة.
همة أحدكم أن يمسي مركوباً ، ويصبح مخموراً تباهون بالمعاصي ، وتبتجهون بها ، وآلهتكم البرابط ، مخنثون ، مؤنثون لا يتفكر متفكر منكم في إصلاح معيشة ، ولا استدامة نعمة ، ولا اصطناع مكرمة ، ولا كسب حسنة يمد بها عنقه ، يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم ..
أضعتم الصلاة ، وأتبعتم الشهوات ، واكببتم على اللذات ، فسوف تلقون غياً ، وأيم الله ، لربما أُفكر في أمركم ، فلا أجد أُمة من الامم استحقوا العذاب ، حتى نزل بهم لخلة من الخلال ، الا أُصيب تلك الخلة بعينها فيكم ، مع خلال كثيرة ، لم أكن أظن أن إبليس اهتدى إليها ، ولا أمر بالعمل بها. وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز عن قوم صالح : إنه كان
__________________
١. تكشف هذه الفقرة الأهداف الحقيقية للمأمون من وراء مسألة ولاية العهد وحجم الخطر العلوي الذي رأى معالجته بهذه الطريقة.