فيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، فأيكم ليس معه تسعة وتسعون من المفسدين في الأرض ، وقد اتخذتموهم شعاراً ، ودثاراً ، استخفافاً بالمعاد ، وقلة يقين بالحساب. وأيكم له رأي يتبع ، أوروية تنفع ، فشاهت الوجوه ، وعفرت الخدود.
وأما ما ذكرتم : من العثرة كانت في أبي الحسن عليهالسلام نور الله وجهه ، فلعمري. إنها عندي للنهضة والاستقلال ، الذي أرجو به قطع الصراط ، والأمن والنجاة من الخوف يوم الفزع الاكبر. ولا أظن عملاً وهو عندي أفضل من ذلك ، الا أن أعد بمثلها إلى مثله ، وأين لي بذلك ، وأنى لكم بتلك السعادة ..
وأما قولكم : إني سفهت آراء آبائكم ، وأحلام أسلافكم ، فكذلك قال مشركوا قريش : « إنا وجدنا آباءنا على أُمة ، وإنا على آثارهم مقتدون ». ويلكم ، إن الدين لا يؤخذ الا من الأنبياء ، فافقهوا ، وما أراكم تعقلون ..
وأما تعبيركم إياي : بسياسة المجوس إياكم ، فما أذهبكم عن الانفة من ذلك ، ولو ساستكم القردة والخنازير ، وما أردتم الا أمير المؤمنين .. ولعمري ، لقد كانوا مجوساً فأسلموا ، كآبائنا ، وأُمهاتنا في القديم ، فهم المجوس الذين أسلموا وأنتم المسلمون الذين ارتدوا ، فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتد ، فهم يتناهون عن المنكر ، ويأمرون بالمعروف ، ويتقربون من الخير ، ويتباعدون من الشر ، ويذبّون عن حرم المسلمين ، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من المنكر ، ويتباشرون بما