أم ظننت أن الاستتار قد أملني ، وضاق به صدري؟!. فوالله ، إني لذلك ، ولقد مللت الحياة ، وأبغضت الدنيا ، ولو وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك ، حتى تبلغ من قبلي مرادك ، لفعلت ذلك ، ولكنَّ الله قد حظر عليَّ المخاطرة بدمي ، وليتك قدرت علي ، من غير أن أبذل نفسي لك ، فتقتلني ، ولقيت الله عز وجل بدمي ، ولقيته قتيلاً مظلوماً ؛ فاسترحت من هذه الدنيا ..
وأعلم : أني رجل طالب النجاة لنفسي ، واجتهدت فيما يرضي الله عز وجل عني ، وفي عمل أتقرب به إليه ؛ فلم أجد رأياً يهدي إلى شيء من ذلك ، فرجعت إلى القرآن ، الذي فيه الهدى والشفاء ، فتصفحته سورة سورة ، وآية آية ، فلم أجد شيئاً أزلف للمرء عند ربه ، من الشهادة في طلب مرضاته ..
ثم تتبعته ثانية ، أتأمل الجهاد أيَّه أفضل ، ولأي صنف ، فوجدته جل وعلا يقول : ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ، وليجدوا فيكم غلظةً ) ، فطلبت أي الكفار أضرّ على الإسلام ، وأقرب من موضعي ، فلم أجد أضرّ على الاسلام منك ، لأن الكفار أظهروا كفرهم ، فاستبصر الناس في أمرهم ، وعرفوهم فخافوهم .. وأنت ختلت المسلمين بالإسلام ، وأسررت الكفر ، فقتلت بالظنة ، وعاقبت بالتهمة ، وأخذت مال الله من غير حله ، فأنفقته في غير حله ، وشربت الخمر المحرمة صراحاً ، وأنفقت مال الله على الملهين ، وأعطيته المغنين ، ومنعته من حقوق المسلمين ، فغششت بالاسلام ، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله ، وحكمت فيه