على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم ». فلم يجبه في تلك العشيّة ، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء ، فأجابه : إني قد غفرت لهم .. قال : فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها؟ فقال : « تبسمت من عدو الله إبليس ، إنه لما علم أن الله استجاب لي في أمتي ، أهوى يدعو بالويل والثبور ، ويحثو التراب على رأسه » (١).
[١٧٦] ـ قال الشيخ رحمهالله : وهذا الغفران يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسّهم ، ويحتمل أن يكون خاصّا ببعض الناس ، ويحتمل أن يكون عامّا في كل أحد.
تنبيه : قد أورد البيهقي في شعب الإيمان أحاديثا شأنها أن تكون في كتاب البعث لكن لم أجد من عزاها لكتاب البعث ، وذلك إما لكونها في الصحيحين أو لكونهم اكتفوا بعزوها لكتاب الشعب وسأذكرها هنا بأسانيدها قال : ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء ، حدّثنا أبو مسلم ويوسف بن يعقوب قالا ، حدّثنا سليمان بن حرب ، حدّثنا حماد بن زيد ،
__________________
(١) أخرج أبو داود في سننه طرفه ، كتاب الأدب : باب في الرجل يقول للرجل : أضحك الله سنّك.
وأخرجه ابن ماجه في سننه كتاب المناسك : باب الدعاء عشية عرفة. قال : حدّثنا أيوب بن محمد الهاشمي ، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي فذكره بنحوه. قال البوصيري في مصباح الزجاجة ( ٢ / ١٤٠ ـ ١٤١ ) : هذا إسناد ضعيف عبد الله بن كنانة قال البخاري : لا يصحّ حديثه انتهى. ولم أر من تكلّم فيه بجرح ولا توثيق.
روى أبو داود بعضه ، عن عيسى بن إبراهيم البركي وأبي الوليد الطيالسي عن عبد القاهر بن السري به. رواه الإمام أحمد في مسنده ( ٤ / ١٤ ـ ١٥ ) من حديث العبّاس أيضا. ورواه البيهقي في سننه الكبرى ( ٥ / ١١٨ ) من طريق أبي داود الطيالسي عن عبد القاهر فذكره بالإسناد والمتن جميعه. ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ( ٣ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ) عن إبراهيم بن الحجّاج حدثنا عبد القاهر بن السري فذكره ، وله شاهد من حديث عائشة رواه مسلم وغيره.
وأخرجه البيهقي في الشعب ( ٢ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ). وقال : وهذا الحديث له شواهد كثيرة ، وقد ذكرناها في كتاب ( البعث ). ( انظر البعث ص ـ ٨٢ ) فإن صحّ بشواهده ففيه الحجة ، وإن لم يصحّ فقد قال الله عزّ وجل : ( وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) وظلم بعضهم بعضا دون الشرك.
وأخرجه ابن عديّ في الكامل ( ٦ / ٢٠٩٤ ).
[١٧٦] نهاية البداية والنهاية ( ٢ / ٦٠ ).