مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ ) وإنما أراد ـ والله أعلم ـ أنه لا يترك له حسنة إلا توزن ، وهذا بالمؤمن المخلّط أليق ، لأنه لو تركت له حسنة لم توزن لزاد ذلك في ثقل سيئاته فأوجب ذلك زيادة في عذابه.
ـ فأما أن الوزن كيف يكون ففيه وجهان : أحدهما ، أن صحف الحسنات توضع في الكفّة النّيرة وصحف السيئات في الكفّة المظلمة ، لأن الأعمال لا تنسخ في صحيفة واحدة ولا كاتبها يكون واحدا ، لكن الملك الذي يكون عن اليمين يكتب الحسنات ، والملك الذي يكون عن الشمال يكتب السيئات ، فيتفرد كل واحد منهما بما ينسخ ، فإذا جاء وقت الوزن وضعت الصحف في الموازين فيثقّل الله عزّ وجل ما يحقّ تثقيله ، ويخفّف مما يحقّ تخفيفه.
والوجه الثاني ، يجوز أن يحدث الله تبارك وتعالى أجساما مقدّرة بعدد الحسنات والسيئات ، ويميز إحداهما عن الأخرى بصفات تعرف بها ، فتوزن كما توزن الأجسام بعضها ببعض في الدنيا ـ والله أعلم ـ ويعتبر في وزن الأعمال مواقعها من رضى الله عزّ وجل وسخطه.
[١٧٧] ـ أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي علي السّقا ، حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدّثنا محمد بن عبيد الله المنادي ، حدّثنا يونس بن محمد ، حدّثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب قال : بينا نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم في أناس إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر ، وليس من أهل البلد يتخطى ، حتى ورك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة ثم وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ما الإسلام؟ قال : « الإسلام أن تشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله ، وأن تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة ،
__________________
[١٧٧] نهاية البداية والنهاية ( ٢ / ٣٢ ). البدور السافرة ص ـ ٦٩. الدرّ المنثور ( ٣ / ٤١٧ ). كنز العمّال ( ١ / ٢٧٢ ).