غيري ، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى فيقولون : يا موسى أنت رسول الله فضّلك الله برسالته وبتكليمه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها. نفسي نفسي ، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله ، وكلّمت الناس فى المهد ، وكلمة منه ألقاها إلى مريم ، وروح الله وكلمته اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله ، ولم يذكر ذنبا. نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فيأتوني فيقولون : يا محمد أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين ، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي باب العرش فأقع ساجدا لربي عزّ وجل ، ثم يفتح الله عزّ وجل لي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك ، سل تعطه واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : يا رب أمتي أمتي ، فيقال : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى ».
رواه مسلم (٤) في الصحيح ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه
__________________
أنه لو جاء ظالم يطلب إنسانا مختفيا ليقتله ، أو يطلب وديعة للإنسان ليأخذها غصبا وسأل عن ذلك وجب على من علم ذلك إخفاؤه وإنكار العلم به ، وهذا كذب جائز ، بل واجب لكونه في دفع الظالم.
وقال القاضي عياض فيما نقله عنه النووي ( ٣ / ٥٤ ـ ٥٥ ) : وانظر هذه الخطايا التي ذكرت للأنبياء من أكل آدم عليه الصلاة والسلام من الشجرة ناسيا ، ومن دعوة نوح عليهالسلام على قوم كفّار ، وقتل موسى صلى الله عليه وسلم لكافر لم يؤمر بقتله ، ومدافعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم الكفّار بقول عرّض به هو فيه من وجه صادق. وهذه كلها في حق غيرهم ليست بذنوب ، لكنهم أشفقوا منها إذ لم تكن عن أمر الله تعالى ، وعتب على بعضهم فيها لقدر منزلتهم من معرفة الله تعالى.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان : باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها.