ولا امتناع في عروض أحد المتقابلين للآخر اذا أخذا لا باعتبار التقابل ، كالكلّيّة والجزئيّة ؛ فإنّهما قد يصدق أحدهما على الآخر باعتبار مغاير لا باعتبار مقابلتهما.
وهذا فيه دقّة.
وقد نظمت هذه المطلب أيضا بقولي :
وهو مخالف لغيره بلا |
|
تقابل كما أفاد العقلاء |
المسألة الحادية عشرة : في تلازم الشيئيّة والوجود.
قال : ( ويساوق الشيئيّة ، فلا تتحقّق بدونه ، فالمنازع مكابر مقتضى عقله ).
أقول : اختلف الناس في هذا المقام.
والمحقّقون كافّة ـ من الحكماء والمتكلّمين (١) ـ اتّفقوا على مساوقة الوجوديّة والشيئيّة وتلازمهما وتساويهما في الصدق وإن لم تتّحدا في المفهوم ، حتّى أنّ كلّ شيء على الإطلاق فهو موجود على الإطلاق ، وكلّ ما ليس بموجود فهو معدوم وليس بشيء.
وبالجملة ، لم يثبتوا للمعدوم ذاتا متحقّقة ، فالمعدوم الخارجي لا ذات له في الخارج ، والذهنيّ لا ذات له ذهنا.
وقال المعتزلة : إنّ للمعدوم الخارجي ذاتا ثابتة في الأعيان متحقّقة في نفسها ليست ذهنيّة ، بمعنى أنّ له ثبوتا في حدّ ذاته بحيث لا يترتّب عليه الأثر ؛ من جهة أنّا نحكم حكما إيجابيّا على المعدوم ، والحكم بثبوت أمر لأمر باعتبار نفس الأمر من غير خصوصيّة المدرك فرع ثبوت المثبت له ، فالثبوت أعمّ من الوجود الذي هو عبارة عن الثبوت الذي يترتّب عليه الأثر (٢).
ويرد عليه : القول بثبوت اجتماع النقيضين ، والقول بثبوت شريك البارئ ؛ لأنّا
__________________
(١) انظر : « شوارق الإلهام » الفصل الأوّل ، المسألة التاسعة.
(٢) « المباحث المشرقيّة » ١ : ١٣٤ ؛ « المحصّل » : ١٤٩ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ١ : ٥٣ ؛ « كشف المراد » : ٣٢.