التسلسل ، وأن يكون الثبوتيّ حالاّ في محلّ عدميّ ، وهو باطل قطعا.
وأيضا فإنّ الإمكان يعرض للممكنات العدميّة ، كالمركّبات الخياليّة ، وهم وافقونا على انتفائها خارجا ، فيبطل قولهم : « كلّ ممكن ثابت ».
وقد نظمت هذا المطلب أيضا بقولي :
تساوق الوجود والشيئيّة |
|
بمقتضى القدرة والعلّيّة |
كذا انحصار ما هو الموجود |
|
ودرك أمر زائد مفقود |
لو اقتضى التمييز والإمكان في |
|
ماهيّة كونا لكان ما نفي |
المسألة الثانية عشرة : في نفي الحال.
قال : ( وهو يرادف الثبوت ، والعدم النفي ، فلا واسطة ).
أقول : ذهب أبو هاشم وأتباعه من المعتزلة ، والقاضي والجويني من الأشاعرة ـ على ما حكي (١) ـ إلى ثبوت الواسطة بين الموجود والمعدوم في الصفات ، كالقول بثبوتها في الذوات في المسألة المتقدّمة ، وسمّوها الحال ، وحدّوها : بأنّها صفة لموجود لا توصف بالوجود والعدم وهي ثابتة ، فيكون الثابت أعمّ من الموجود ، والمعدوم أعمّ من المنفيّ.
وهذا المذهب باطل بالضرورة ؛ فإنّ العقل قاض بأنّه لا واسطة بين الموجود والمعدوم ، وأنّ الثبوت هو الموجود مرادفا له ، وأنّ العدم والنفي مترادفان ، ولا شيء أظهر عند العقل من هذه القضيّة ، فلا يجوز الاستدلال عليها.
قال : ( والوجود لا ترد عليه القسمة ، والكلّيّ ثابت ذهنا ، ويجوز قيام العرض بالعرض ).
أقول : لمّا أبطل مذهبهم أشار إلى بطلان ما احتجّوا به من الوجوه الثلاثة :
__________________
(١) انظر : « محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين » : ١٦٣ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٨٠ ؛ « شوارق الإلهام » المسألة العاشرة من الفصل الأوّل.